للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صاحبه به، مثل ضاربته، وحاربته، ولا يجوز حمل الصائم على هذا الباب، فإنه منهيّ عن السباب. وقد تكون المفاعلة من واحد، لكن بينه وبين غيره، نحو عاقبت اللصّ، فهي محمولة على الفعل الثلاثيّ. وقد عُلم بذلك أن المفاعلة إن كانت من اثنين كانت من كلّ واحد، وإن كانت بينهما كانت من أحدهما، ولا تكاد تُستَعمل المفاعلة من واحد، ولها فعل ئلائيّ من لفظها، إلا نادرًا، نحو صادمه الحمار، بمعنى صَدَمه، وزاحمه، وشاتمه، بعنى شتمه، ويدلّ على هذا الحديثُ الصحيحُ: "وإن امرؤ قاتله، أو شاتمه … "، فيجوز "شُتِمَ"، و"شُوتِم" انتهى كلام الفيّوميّ (١).

وقوله: "ولا يسبّه" من باب ردّ يرُدّ، وعطفه على ما قبله من عطف المرادف. وتمام شرح الحديث تقدّم في شرح حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - في الباب الماضي.

والحديث صحيح، وهو من أفراد المصنّف أخرجه هنا-٤٣/ ٢٢٣٤ - واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: حديث عائشة - رضي اللَّه عنها - هذا كذا وقع في نسخ "المجتبى" هنا بين حديثي أبي عُبيدة - رضي اللَّه عنه -، ولعله من تصرّف النسّاخ، وإلا فكان الأولى الجمع بين حديثي أبي عُبيدة، كما لا يخفى.

ثم إنه ليس لحديث عائشة - رضي اللَّه عنها - هذا ذكر في "الكبرى" أصلاً. فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٢٣٥ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ, قَالَ: أَنْبَأَنَا حِبَّانُ, قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ, عَنْ مِسْعَرٍ, عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا, عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ, قَالَ: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ, مَا لَمْ يَخْرِقْهَا").

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا طريق آخر لحديث أبي عبيدة - رضي اللَّه عنه - ساقه المصنّف لبيان الاختلاف على الوليد بن عبد الرحمن، فرواه بشّار بن أبي سيف عنه، عن عياض بن غطيف، عن أبي عبيدة، مرفوعًا، وخالفه مسعر، فرواه عنه، فقال: حدثنا أصحابنا، عن أبي عُبيدة، فأيهم شيوخ الوليد، وجعله موقوفًا عليه، ومسعر أثبت من بشّار، لكن الموقوف في مئل هذا له حكم الرفع؛ إذ لا يقال من قبل الرأي، وأيضًا يشهد لأصل الحديث ما أخرجه الشيخان، وغيرهما، من حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - مرفوعًا: "إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث، ولا يجهل". وتقدّم للمصنّف رقم ٢٢١٦ و ٢٢١٧، وحديث عائشة - رضي اللَّه عنها - المذكور قبل هذا، وما أخرجه البخاريّ من


(١) - راجع "المصباح المنير" في مادّة شتم.