للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ليجمع بين الفضيلتين. انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: سيأتي حكم الصيام في السفر، واختلاف أهل العلم فيه بعد باب إن شاء اللَّه تعالى.

(زَحْزَحَ اللَّه وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ) ببناء الفعل للفاعل: أي أبعده من النار، وأراد بالوجه ذاته، وإنما عبّر به؛ لأن الإنسان أول ما يواجه الشيء يكون بوجهه، فإذا أبعد اللَّه وجهه عن مواجهة النار، فبالأحرى إبعاد سائر أجزائه عنها. واللَّه تعالى أعلم (بِذَلِكَ الْيَوْم) الباء سببيّة، أي بسبب صوم ذلك اليوم (سَبْعِينَ خَرِيفًا) قال في "النهاية": أن نحّاه، وباعده عن النار مسافة تُقطع في سبعين سنة؛ لأنه كلما مرّ خريف، فقد انقضت سنة.

وقال التوربشتيّ: كانت العرب تؤرّخ أعوامها بالخريف؛ لأنه كان أوان جِدَادهم، وقِطَافهم، وإدراك غلّاتهم، وكان الأمر على ذلك حتى أرّخ عمر - رضي اللَّه عنه - بسنة الهجرة انتهى (٢).

وقال في "الفتح": الخريف زمان معلوم من السنة، والمراد هنا العامُ، وتخصيص الخريف بالذكر، دون بقية الفصول -الصيف، والشتاء، والربيع- لأن الخريف أزكى الفصول؛ لكونه تُجنَى فيه الثمار. ونقل الفاكهيّ أن الخريف تجتمع فيه الحرارة، والبرودة، والرطوبة، واليبوسة، دون غيره، ورُدّ بأن الربيع كذلك. قال القرطبيّ: وَرَدَ ذكرُ السبعين لإرادة التكثير كثيرًا انتهى.

ويؤيّده-كما قال الحافظ- ما يأتي للمصنّف في الباب التالي من حديث عقبة بن عامر - رضي اللَّه عنه -، وما رواه الطبرانيّ عن عمرو بن عَبَسَة، وأبو يعلى عن معاذ بن أنس، فقالوا جميعا في رواياتهم: "مائة عام" (٣). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا- ٤٤/ ٢٢٤٤ و ٢٢٤٦ - وفي "الكبرى" ٤٤/ ٢٥٥٢ و ٢٥٥٣. وأخرجه (ت) في "الجهاد" ١٦٣٣ (ق) في "الصيام" ١٧١٨ (أحمد) في "باقي مسند المكثرين"


(١) - "الفتح" ج ٦ ص ١٣٣ - ١٣٤.
(٢) - انظر "زهر الربى" ج٤ ص١٧٢.
(٣) - المصدر السابق.