(منها): أنه من خماسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين، غير شيخه، فمصريّ. (ومنها): أن فيه رواية الابن عن أبيه، وفيه أبو هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - من المكثرين السبعة، روى (٥٣٧٤) حديثًا. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي اللَّه عنه - (عنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أنه (قَالَ: "مَنْ صَامَ يَوْمًا، فِي سَبِيلِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-) أي في الجهاد، أو في أعمّ منه. قال في "النهاية": السبيل في الأَصل الطريق، ويذكّر ويؤنّث، والتأنيث فيها أغلب، وسبيلُ اللَّه عامّ يقع على كلّ عمل خالص للَّه، سُلِك به طريق التقرّب إلى اللَّه تعالى بأداء الفرائض والنوافل، وأنواع الطاعات، وإذا أطلق فهو في الغالب واقع على الجهاد حتى صار لكثرة الاستعمال، كأنه مقصور عليه انتهى (١).
وقال ابن الجوزيّ -رحمه اللَّه تعالى-: إذا أُطلِقَ ذكرُ سبيل اللَّه، فالمراد به الجهاد. وقال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: سبيل اللَّه طاعة اللَّه، فالمراد من صام قاصدًا وجه اللَّه.
قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: ويحتمل أن يكون ما هو أعمّ من ذلك، ثم وجدته في "فوائد أبي الطاهر الذهليّ" من طريق عبد اللَّه بن عبد العزيز الليثيّ، عن المقبريّ، عن أبي هريرة، بلفظ: "ما من مرابط يُرابط في سبيل اللَّه، فيصوم يومًا في سبيل اللَّه … " الحديث.
وقال ابن دقيق العيد -رحمه اللَّه تعالى-: العرف الأكثر استعماله في الجهاد، فإن حمل عليه كانت الفضيلة لاجتماع العبادتين، قال: ويحتمل أن يراد بسبيل اللَّه طاعته كيف كانت، والأول أقرب.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله ابن دقيق العيد من ترجيح كون المراد بسبيل اللَّه هو الجهاد هو الظاهر عندي. واللَّه تعالى أعلم.
قال: ولا يعارض ذلك أن الفطر في الجهاد أولى؛ لأن الصائم يضعف عن اللقاء؛ لأن الفضل المذكور محمول على من لم يخش ضعفًا، ولا سيّما من اعتاد به، فصار ذلك من الأمور النسبيّة، فمن لم يضعفه الصوم عن الجهاد، فالصوم في حقّه أفضل؛