الحديث، فلم يزد الخطيب على هذا، وبين القصّتين مغايرات ظاهرة، أظهرها أنه كان في الحضر في المسجد، وصاحب القصّة في حديث جابر كان في السفر، تحت ظلال الشجرة. واللَّه أعلم. انتهى. (أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ) أي بلغ منه الغايةَ من المشقّة، يقال: جهده الأمرُ، والمرض جَهْدًا، من باب نفع: إذا بلغ منه المشقّة، ومنه جَهْدُ البلاء، ويقال: جَهَدتُ فلانًا جهدًا: إذا بلغت مشقّته، وجهدت الدّابّةَ، وأجهدتها: إذا حملت عليها في السير فوق طاقتها. أفاده في "المصباح".
(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ") أي ليس مثلُ صوم هذا الرجل طاعةً محمودةً، بل هي مذمومة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث جابر بن عبد اللَّه - رضي اللَّه عنه - هذا متفق عليه. (١)
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٢٢٥٧ و ٢٢٥٨ و ٢٢٥٩ و ٤٨/ ٢٢٦٠ و ٢٢٦١ و ٤٩/ ٢٢٦٢ - وفي "الكبرى" ٤٧/ ٢٥٦٥ و ٢٥٦٦ و ٢٥٦٧ و ٤٨/ ٢٥٧٠. وأخرجه (خ) في "الصوم" ١٩٤٦ (م) في "الصيام" ١١١٥ (د) في "الصوم" ٢٤٠٧ (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" ١٤٠٠١ (الدارمي) في "الصوم" ١٧٠٩. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٢٥٨ - (أَخْبَرَنِي شُعَيْبُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ سَعِيدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, مَرَّ بِرَجُلٍ, فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ, يُرَشُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ, قَالَ: «مَا بَالُ صَاحِبِكُمْ هَذَا؟» , قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَائِمٌ, قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ, أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ, وَعَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ, فَاقْبَلُوهَا»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد ثقات، وهو مسلسل بالدمشقيين إلى يحيى بن أبي كثير، وهو يماميّ، وسكن المدينة عشر سنين، وكلهم تقدّموا، غير:
١ - (محمد بن عبد الرحمن) بن ثوبان العامريّ مولاهم، أبو عبد اللَّه المدنيّ، ثقة [٣].
(١) هذا بالنسبة لمتن الحديث، وإلا فسند المصنف فيه انقطاع؛ لأن محمد بن عبد الرحمن لم يسمعه من جابر - رضي اللَّه عنه -، كما سيأتي بيانه.