للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال أبو حاتم: هو من التابعين لا يسأل عن مثله. وقال ابن سعد، وأبو زرعة، والنسائيّ: ثقة. وقال ابن سعيد: كان كثير الحديث. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وذكر أنه مولى الأخنس بن شَرِيق. أخرج له الجماعة، وله عند المصنف في هذا الكتاب سبعة أحاديث فقط برقم ٢٢٥٧ و ٢٢٥٨ و ٢٢٦٠ و ٢٢٦١ و ٣٢٤٤ و ٣٤٩٧ و ٤٢٥٤.

وقوله: "إنه ليس من البرّ أن تصوموا في السفر": قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: معناه إذا شقّ عليكم، وخفتم الضرر، وسياق الحديث يقتضي هذا التأويل، وهذه الرواية مُبَيِّنَة للروايات المطلقة: "ليس من البرّ الصيام في السفر"، ومعنى الجميع فيمن تضرّر. انتهى (١).

وقوله: "عليكم برخصة اللَّه". "عليكم" اسم فعل، منقول من الجارّ والمجرور، بمعنى "الْزَمُوا"، و"برخصة اللَّه" الباء زائدة، و"رخصة اللَّه" مفعول به لـ"عليكم"، وقيل: إن الباء للتعدية، فيكون المعنى استمسكوا برخصة اللَّه. و"الرخصة" وزان غُرْفة، وتضم الخاء للإتباع، والجمع رُخَص، ورُخُصَات مثل غُرَف، وغُرُفات: التسهيل في الأمر والتيسيبر فيه، والمعنى هنا: استمسكوا بتسهيل اللَّه تعالى لكم فيما شرع لكم من الفطر في السفر، كما قال اللَّه تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} الآية.

[تنبيه]: قال في "الفتح": أوهم صاحب "العمدة" (٢) أن قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "عليكم برخصة اللَّه التي رخّص لكم" مما أخرجه مسلم بشرطه، وليس كذلك، وإنما هو بقية في الحديث لم يوصل إسنادها كما تقدّم بيانه، نعم وقعت عند النسائيّ موصولة في حديث يحيى بن أبي كثير بسنده، وعند الطبرانيّ من حديث كعب بن عاصم الأشعريّ، كما تقدّم انتهى (٣).

[تنبيه آخر]: زاد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بعد إخراج هذا الحديث في "الكبرى": ما نصّه: قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ، ومحمد بن عبد الرحمن لم يسمع هذا الحديث من جابر انتهى.

يعني أن تصريح محمد بن عبد الرحمن بالإخبار من جابر - رضي اللَّه عنه - في هذا الإسناد، خطأ، فإنه لم يسمع منه هذا الحديث.

هذا حاصل ما أشار إليه، لكن سيأتي قريبًا أن دعوى الخطإ غير صحيحة، فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.


(١) - "شرح مسلم" ج ٨ ص ٢٣٣ - ٢٣٤.
(٢) - يعني صاحب "عمدة الأحكام"، وهو المقدسيّ.
(٣) -"فتح" ج ٤ ص ٦٩٧.