للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢٢٥٩ - (أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى, قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرًا نَحْوَهُ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الفريابيّ" -بكسر الفاء، وسكون الراء، بعدها تحتانيّة، وبعد الألف موحّدة-: هو محمد بن يوسف الضبّيّ مولاهم، ثقة فاضل [٩] ١٤/ ٤١٨.

وغرض المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بهذا الإشارةُ إلى بيان وجه الخطإ الذي ادعاه في السند السابق، وذلك أن الفريابيّ روى الحديث عن الأوزاعيّ، عن يحيي، عن محمد ابن عبد الرحمن، قال: حدثني من سمع جابرًا، فأدخل بين محمد بن عبد الرحمن، وبين جابر - رضي اللَّه عنه - واسطة مبهمة.

فتبيّن بهذا أن الصواب أن محمد بن عبد الرحمن لم يسمعه من جابر، وإنما سمعه ممن سمعه منه، وأن تصريحه بإخبار جابر له في السند السابق مما أخطأ فيه شعيب، هذا حاصل ما أشار إليه -رحمه اللَّه تعالى-.

لكن الذي يظهر لي صحة رواية شعيب؛ لأنه لم ينفرد بها، فقد تابعه "الوليد بن مسلم عند الطحاويّ في "شرح معاني الآثار"، فقال -رحمه اللَّه تعالى-:

حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن ميمون البغداديّ، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا الأوزاعيّ، عن يحيي بن أبي كثير، قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، قال: حدثني جابر بن عبد اللَّه، قال: مرّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - برجل في سفر، في ظلّ شجرة، يُرشّ عليه الماء، فقال: "ما بال هذا؟ قالوا: صائم يا رسول اللَّه، قال: "ليس من البرّ الصيام في السفر، فعليكم برخصة اللَّه التي رخّص لكم، فاقبلوها". انتهى (١).

ورواه الفريابيّ في "الصيام" عن الوليد، نا الأوزاعيّ، حدثني يحيي، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر (٢).

والحاصل أن الحديث صحيح متصل لتصريح محمد بن عبد الرحمن بالإخبار من جابر - رضي اللَّه عنه - في هذه الرواية.

وقد وجدت للحافظ أبي الحسن ابن القطّان الفاسيّ -رحمه اللَّه تعالى- تحقيقًا نفيسًا في كتابه "بيان الوهم والإيهام"، أحببت إيراده هنا لحسنه، قال -رحمه اللَّه تعالى- في باب ذكر الأحاديث التي ردّها عبد الحقّ في "أحكامه" بالانقطاع، وهي متصلة: ما ملخّصه:

وذكر -يعني عبد الحقّ- أيضًا من طريق النسائيّ في حديث: "ليس من البرّ الصيام في


(١) - راجع "معاني الآثار للطحاويّ" ج ٢ ص ٦٢.
(٢) - انظر "إرواء الغليل" ج ٤ ص ٥٤.