فمما أورده بعده: نبأني محمود بن خالد، حدثنا الفريابيّ، حدثنا الأوزاعيّ، حدثنا يحيي، حدثنا محمد بن عبد الرحمن، أخبرني من سمع جابرًا نحوه.
فهذا محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، لا ابن ثوبان.
وأورد من رواية وكيع، عن عليّ بن المبارك، عن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمن ابن ثوبان، عن جابر. هكذا معنعنًا، لم يقل: أخبرني جابر، كما قال شعيب، عن الأوزاعيّ، وصرِّح فيه بأنه ابن ثوبان.
وقال عثمان بن عمر: عن عليّ بن المبارك، عن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمن، عن رجل، عن جابر.
وهذا أيضًا هو ابن سعد، لا ابن ثوبان، فعرف النسائيّ أن محمد بن عبد الرحمن هذا الذي يقول في رواية الفريابيّ -عن الأوزاعي، عن يحيى، عنه: حدثني من سمع جابرًا- وفي رواية عثمان بن عمر، عن عليّ بن المبارك، عن يحيى، عنه: عن رجل، عن جابر- أنه محمد بن عبد الرحمن بن سعد، فقضى لذلك بانقطاع روايته للحديث عن جابر، وزاد إلى ذلك أَنْ ظَنّ أنه الذي في رواية شعيب، عن الأوزاعيّ فخطّأ من قال عنه: حدثني جابر، وجزم بأن بينهما رجلاً، ثم أخذ في بيان من هو هذا الرجل الذي بينهما، فقال:
("ذكر اسم الرجل")
حدثنا عمرو بن عليّ، قال: حدثنا يحيى، وخالد بن الحارث، عن شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن محمد بن عمرو بن حسن، عن جابر، أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - رأى رجلاً قد ظُلّل عليه في السفر، فقال:"ليس البرُّ الصيامَ في السفر". ثم قال: حديث شعبة هذا هو الصحيح. انتهى ما أورده النسائيّ في بيان انقطاع رواية محمد بن عبد الرحمن بن سعد فيما بينه، وبين جابر في هذا الحديث.
والخطأ فيه هو في أن اعتقد في محمد بن عبد الرحمن القائل: حدثني جابر أنه ابن سعد، وليس الأمر كذلك، وإنما هو ابن ثوبان، وهو قد سمعه من جابر، كما أخبر عن نفسه في قوله:"حدثني جابر"، وقد صرّح بكونه ابن ثوبان في رواية وكيع، عن عليّ بن المبارك.
فإن هذا الذي يرويه شعبة عنه، عن محمد بن عمرو بن حسن، عن جابر ليس هو محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وإنما هو محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زُرارة.
وبيان ذلك في كتاب مسلم، وأبي داود في نفس هذا الإسناد، وهو أنصاريّ، وليس في روايته ذكرّ للزيادة المذكورة، وإنما هي في رواية محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان،