القشيريّ، كما أوضحته الرواية الآتية (حَدَّثَنَا، ثُمَّ أَلْفَيْنَاهُ) بالفاء، أي وجدناه، وفي نسخة:"ثم لقيناه" بالقاف، من اللقاء، وهو بمعنى الأول.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الظاهر أن في هذه الرواية حذفًا يتبيّن بالرواية التالية، ولفظها:"عن أيوب، قال: حدثني أبو قلابة هذا الحديث، ثم قال: هل لك في صاحب الحديث، فدلّني عليه، فلقيته، فقال: حدّثني قريب لي، يقال له: أنس بن مالك … ". فيكون التقدير هنا: حدثنا أبو قلابة، عن شيخ، ثم ألفيناه، أي ثم بعد أن حدّثنا أبو قلابة وجدنا ذلك الشيخ. واللَّه تعالى أعلم.
(فِي إِبِلٍ لَهُ، فَقَالَ: لَهُ أَبُو قِلَابَةَ: حَدِّثْهُ) أمر من التحديث، أي قال أبو قلابة لذلك الشيخ: حدّث أيوبَ الحديث الذي حدثتنيه (فَقَالَ: الشَّيْخُ: حَدَّثَنِي عَمِّي، أنَّهُ ذَهَبَ فِي إِبِلٍ لَهُ) أي في طلب إبل أغار عليها المسلمون، فأخذوها ظنّا منهم أنها للكفار، ففي رواية أحمد:"قال: أغارت علينا خيل رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فأتيته، وهو يتغدى … "(فَانْتَهَى) أي وصل (إِلَى النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) الجار والمجرور متعلّق بـ"ذهب"، أو بـ"انتهى" على سبيل التنازع (وَهُوَ يَأْكُلُ) جملة في محلّ نصب على الحال، أي والحال أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - يأكل الغداء، وفي الرواية التالية:"فهذا هو يتغذى"(-أَوْ قَالَ: يَطْعَمُ-) شكّ من الراوي (فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - ("ادْنُ) أمر من الدنوّ، أي اقرُب، وفي الرواية التالية: "فقال: هلمّ إلى الغداء" (فَكُلْ"، أَوْ قَالَ:"ادْنُ فَاطْعَمْ"، فَقُلْتُ: إِنِّي صَائمٌ، فَقَالَ:"إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ، شَطْرَ الصَّلَاةِ) أي الرباعيّة، لا إلى بدل، بخلاف الصوم (وَالصِّيَامَ) بالنصب عطفًا على "شطر"، ولا يجوز جرّه؛ لأن الوضع بالنسبة للصوم كلّه، لا بعضه، فافهم، أي وضع عنه لزوم الصيام في تلك الأيام، وخيّره بين أن يصوم تلك الأيام، وبين عدّة من أيام أخر.
ولفظ أبي داود: "إن اللَّه وضع عن المسافر شطر الصلاة، والصومَ عن المسافر، وعن المرضع والحبلى".
قال الطيبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: وإنما ذَكَرَ "عن المسافر" بعد الصوم ليصحّ عطف "عن المرضع" عليه، لأن شطر الصلاة ليس موضوعًا عن المرضع انتهى.
ورواه أحمد بلفظ: "إن اللَّه وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن المسافر، والحامل، والمرضع الصومَ، أو"الصيام".
قال التوربشتيّ -رحمه اللَّه تعالى-: "الصوم" منصوب، والعامل فيه "وَضَع"، وشتان بين الوضعين، فإن الموضوع عن الصلاة ساقط لا إلى قضاء، ولا كذلك الصوم، وإنما ورد البيان على تقرير الرخصة، فأتى بقضايا منسوقة في الذكر، مختلفة في الحكم،