للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كان من العبّاد الخشن. وقال ابن سعد: كان ثقة عابدًا، قالوا: توفي في ولاية عُمَر بن هُبَيرة على العراق. مات سنة (١٠٥٣) وقيل (٣) وقيل (٨). أخرج له الجماعة، وله عند المصنّف في هذا الكتاب هذا الحديث فقط.

٥ - (أنس بن مالك) بن النضر الأنصاريّ الصحابيّ الخادم المشهور - رضي اللَّه تعالى - عنه ٦/ ٦. واللَّه تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

منها: أنه من خماسيات المصنف -رحمَّه اللَّهُ-. ومنها: أنه مسلسل بالبصريين غير شيخه، فمروزي، وأبي معاوية فكوفي. ومنها: أن فيه رواية تابعي عن تابعي: عاصم عن مُوَرِّقِ. ومنها: أن فيه أنسًا - رضي اللَّه عنه - من المكثرين السبعة. وآخر من مات من الصحابة بالبصرة - رضي اللَّه تعالى عنهم -. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ) خادم رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - وليس هو أنس بن مالك الكعبيّ المذكور في الباب الماضي. فتنبّه (قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فِي السَّفَرِ، فَمِنَّا الصَّائِمُ) أراد به الجنس (وَمِنَّا الْمُفْطِرُ) وفي رواية: "فصام بعض، وأفطر بعض". وفيه دليل على جواز الصوم في السفِر، لتقرير النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - للصائمين على صومهم (فَنَزَلْنَا فِي يَوْمٍ حَارٍّ) أي شديد الحرار (وَاتَّخَذْنَا ظِلَالَا) وفي رواية البخاريّ: "أكثرنا ظلاّ من يستظلّ بكسائه". ولمسلم: "أكثرنا ظلاًّ صاحب الكساء، ومنّا من يَتَّقِي الشمسَ بيده" (فَسَقَطَ الصُّوَّامُ) بالضمّ جمع صائم. أي ضعفوا عن الحركة، ومباشرة حوائجهم؛ لأجل ضعفهم (وَقَامَ الْمُفْطِرُونَ) أي بالخدمة. وفي رواية البخاريّ: "وأما الذين أفطروا، فبعثوا الركاب، وامْتَهَنوا، وعالجوا".

وفي رواية لمسلم: "فتحزّم المفطرون، وعملوا". -بالحاء المهملة، والزاي-.

ووقع في بعض النسخ: "فتخدّموا" -بالخاء المعجمة، والدال المهملة- وادعى بعضهم أنه الصواب؛ أي أنهم كانوا يخدمون. قال القاضي عياض: والأول صحيح أيضًا، ولصحته ثلاثة أوجه: أحدها: معناه شدّوا أوساطهم للخدمة. والثاني: أنه استعاره للاجتهاد في الخدمة، ومنه:"إذا دخل العشر اجتهد، وشدّ المئزر". والثالث: أنه من الحزم، وهو الاحتياط، والأخذ بالقوّة، والاهتمام بالمصلحة انتهى (١)

(فَسَقَوُا الرِّكَابَ) ولمسلم: "فضربوا الأخبية، وسقوا الركاب". و- الركاب" -بكسر الراء -أي الإبل التي يُسار عليها، واحدها راحلة، ولا واحد لها من لفظها (فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ) أي الأجر الوافر، وهو ما فعلوه من خدمة


(١) - راجع "شرح النووي على صحيح مسلم".