للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صحّ من أحاديث وجوب تبييت النيّة؟ فتبصّر بالإنصاف، ولا تَتَهَوَّرْ بتقليد ذوي الاعتساف.

قال: لا يقال: يوم عاشوراء منسوخ، فلا يصحّ به الاستدلال؛ لأنا نقول: دلّ الحديث على شيئين: أحدهما وجوب صوم عاشوراء. والثاني: أن الصوم الواجب في يوم بعينه يصحّ بنية من نهار، والمنسوخ هو الأول، ولا يلزم من نسخه نسخ الثاني، ولا دليل على نسخه أيضًا.

بقي فيه بحثٌ، وهو أن الحديث يقتضي أن وجوب الصوم عليهم ما كان معلومًا من الليل، وإنما عُلم من النهار، وحينئذ صار اعتبار النية من النهار في حقّهم ضروريا؛ كما إذا شهد الشهود بالهلال يوم الشكّ، فلا يلزم جواز الصوم بنية من النهار بلا ضرورة، وهو المطلوب. واللَّه تعالى أعلم. انتهى كلام السنديّ.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا البحث الأخير هو محطّ الأنظار لكلّ منصف، ولذا لم يتعرّض السنديّ لدفعه، حيث عَلِم أنه دليل مُفحِم.

والحاصل أن الحقّ أنه لا يصحّ الصوم إلا بنية من الليل؛ لحديث حفصة - رضي اللَّه عنها - الآتي بعد باب، إلا لمن كان على مثل حال هؤلاء الذين بين حالهم حديثُ سلمة بن الأكوع - رضي اللَّه عنه -، من الجهل بوجوب الصوم من الليل. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٢٣٢١ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى, عَنْ يَزِيدَ, قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ لِرَجُلٍ: "أَذِّنْ" -يَوْمَ عَاشُورَاءَ- "مَنْ كَانَ أَكَلَ, فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ, وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ, فَلْيَصُمْ").

رجال هذا الإسناد: أربعة:

١ - (محمد بن المثنى) بن عُبيد المعروف بالزَّمِنُ، أبو موسى الْعَنَزيّ البصريّ، ثقة ثبت [١٠] ٦٤/ ٨٠.

٢ - (يحيى) بن سعيد القطان المذكور قبل باب، وكذا الباقيان تقدّما قبل بابين. واللَّه تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

(منها): أنه من رباعيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو (١٢٥) من رباعيات الكتاب. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أن شيخه أحد المشايخ التسعة الذين يروي عنهم الجماعة بلا واسطة. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ يَزِيدَ) بن أبي عُبيد، مولى سلمة بن الأكوع، أنه (قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ) بن عمرو