للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابن الّأكواع - رضي اللَّه عنه - (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قَالَ: لِرَجُلٍ: أَذِّنْ") من التأذين، ويحتمل أن يكون من الإيذان، فيكون بمدّ الهمزة. وفي رواية للشيخين: "بعث رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - رجلاً من أسلم، يوم عاشوراء، فأمره أن يؤذّن في الناس … ".

قال في "الفتح": واسم هذا الرجل هند بن أسماء بن حارثة الأسلميّ، له ولأبيه، ولعمه هند بن حارثة صحبة، أخرج حديثه أحمد، وابن أبي خيثمة من طريق ابن إسحاق: حدثني عبد اللَّه بن أبي بكر، عن حبيب بن هند بن أسماء الأسلميّ، عن أبيه، قال: بعثني النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - إلى قومي من أسلم، فقال: "مُرْ قومك أن يصوموا هذا اليوم، يوم عاشوراء، فمن وجدته منهم قد أكل في أول يومه، فليصم آخره". ورى أحمد أيضًا من طريق عبد الرحمن بن حرملة، عن يحيى بن هند، قال: وكان هند من أصحاب الحُدَيبية، وأخوه الذي بعثه رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يأمر قومه بالصيام يوم عاشوراء. قال: فحدّثني يحيى بن هند، عن أسماء بن حارثة أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بعثه، فقال: "مر قومك بصيام هذا اليوم قال: أرأيت إن وجدتهم قد طَعِمُوا؟ قال: "فليتمّوا آخر يومهم".

قال الحافظ: فيحتمل أن يكون كلّ من أسماء، وولده هند أُرسلا بذلك. ويحتمل أن يكون أطلق في الرواية الأولى على الجدّ اسم الأب، فيكون الحديث من رواية حبيب ابن هند، عن جدّه أسماء، فتتحد الروايتان. واللَّه أعلم انتهى.

(- يَوْمَ عَاشُورَاءَ-) متعلّق بـ"أذّن" (مَنْ كَانَ أَكَلَ، فَلْيُتِمّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ) ولفظ مسلم: "فليُتمّ صيامه إلى الليل"، وهو صريح في أن صومه بقية يومه صوم لكله، وإن تقدمه أكل، أو شرب، أو نحوه، فهو بمنزلة من أكل، أو شرب ناسيًا، فإن صومه صحيح بإجماع، ومن تأوله بأن المراد مجرد الإمساك لحرمة اليوم، فقد حمّله ما لا يتحمّله من دون ضرورة تُلجِىء إليه. واللَّه تعالى أعلم.

(وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ، فَليَصُمْ) قال النوويّ: احتجّ أبو حنيفة -رَحِمَهُ اللَّهُ- بهذا الحديث لمذهبه أن صوم رمضان وغيره من الفرض يجوز نيته في النهار، ولا يشترط تبييتها، قال: لأنهم نووا في النهار، وأجزأهم.

وقال الجمهور: لا يجوز رمضان، ولا غيره من الصوم الواجب إلا بنية من الليل، وأجابوا عن هذا الحديث بأن المراد إمساك بقية النهار، لا حقيقة الصوم، والدليل على هذا أنهم أكلوا، ثم أمروا بالإتمام، وقد وافق أبو حنيفة وغيره على أن شرط إجزاء النية في النهار في الفرض والنفل أن لا يتقدمها مفسد للصوم من أكل أو غيره.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الجواب فيه نظر لا يخفى، إذ هو مخالف لظاهر النصّ، فالنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول: "فليتمّ صيامه إلى الليل"، فيُثبِت كونه صومًا صحيحًا، بنصه