للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كتابه "آداب الحكماء"، وجزم بجواز ذلك لسلطانه، ولكبيره، ولذوي العلم، ولمن أحبّ من إخوانه، غير محظور عليه ذلك، بل يثاب عليه إذا قصد توقيره، واستعطافه، ولو كان ذلك محظورًا لنهى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -قائل ذلك، ولأعلمه أن ذلك غير جائز أن يقال لأحد غيره انتهى.

قال الطبرانيّ (١): في هذه الأحاديث دليل على جواز قول ذلك. وأما ما رواه مبارك ابن فَضالة، عن الحسن، قال: دخل الزبير على النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو شَاكٍ، فقال: كيف تجدك جعلني اللَّه فداءك؟ قال: "ما تركتَ أعرابيتك بعدُ"، ثم ساقه من هذا الوجه، ومن وجه آخر، ثم قال: لا حجة في ذلك على المنع؛ لأنه لا يقاوم تلك الأحاديث في الصحّة. وعلى تقدير ثبوت ذلك، فليس فيه صريح المنع، بل فيه إشارة إلى أنه ترك الأولى في القول للمريض، إما بالتأنيس والملاطفة، وإما بالدعاء والتوجّع.

[فإن قيل]: إنما ساغ ذلك لأن الذي دعا بذلك كان أبواه مشركين.

[فالجواب]: أن قول أبي طلحة كان بعد أن أسلم، وكذا أبو ذرّ - رضي اللَّه عنه - (٢)، وقول أبي بكر - رضي اللَّه عنه - كان بعد أن أسلم أبواه انتهى ملخّصًا.

قال الحافظ: ويمكن أن يُعْتَرَض بأنه لا يلزم من تسويغ قول ذلك للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يسوغ لغيره؛ لأن نفسه أعزّ من أنفس القائلين، وآبائهم، ولو كانوا أسلموا.

فالجواب: ما تقدّم من كلام ابن أبي عاصم، فإن فيه إشارة إلى أن الأصل عدم الخصوصية. وأخرج ابن أبي عاصم من حديث ابن عمر أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال لفاطمة: "فداكِ أبوك"، ومن حديث ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -، أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال لأصحابه: "فداكم أبي وأمي"، ومن حديث أنس - رضي اللَّه عنه - أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال مثل ذلك للأنصار انتهى (٣). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٢٣٤٥ - (أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا, قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ, عَنْ جَعْفَرٍ, عَنْ سَعِيدٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, لَا يُفْطِرُ أَيَّامَ الْبِيضِ, فِي حَضَرٍ, وَلَا سَفَرٍ").

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (القاسم بن زكريا) المذكور قبل باب.


(١) - هكذا نسخة "الفتح"، ولعله "الطبريّ"، فليحرّر.
(٢) - حديث أبي ذرّ - رضي اللَّه عنه -أخرجه أبو داود في "سننه" بسنده عن أبي ذرّ، قال: قلت للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: لبيك، وسعديك، جعلني اللَّه فداك".
(٣) - "فتح" ج ١٢ ص ٢٠٩ - ٢١٠.