للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تحقيقه، إن شاء اللَّه تعالى.

وإلى الكراهة مطلقًا ذهب ابن العربيّ من المالكية، فقال: قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا صام من صام الأبد" في حديث عبد اللَّه بن عمرو، إن كان معناه الدعاء، فيا وَيحَ من أصابه دعاء النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -،وإن كان معناه الخبر، فيا وَيحَ من أخبر عنه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه لم يصم، وإذا لم يصم شرعًا، لم يكتب له الثواب؛ لوجوب صدق قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -؛ لأنه نفى عنه الصوم، وقد نفى عنه الفضل، كما تقدّم، فكيف يطلب الفضل فيما نفاه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - انتهى.

واستُدلّ للكراهة والمنع بقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا صام، ولا أفطر"، وقد تقدم وجه الاستدلال به في كلام ابن العربيّ، والجزريّ، والشوكانيّ، وغيرهم.

وقد روي مثل هذا مرفوعًا عن جماعة من الصحابة، منهم:

عبد اللَّه بن الشخير عند أحمد، والمصنّف (١)، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم. وعمرانُ بن حُصين، عند المصنّف (٢)، والحاكم. وابنُ عمر عند المصنّف (٣).

واستدل أيضا لذلك بقصّة عبد اللَّه بن عمرو التي تقدمت الإشارة إليها.

قال ابن التين: استُدلّ على كراهة صوم الدهر من هذه القصّة من أوجه: نهيُهُ - صلى اللَّه عليه وسلم - عن الزيادة على صوم نصف الدهر، وأمره بأن يصوم ويفطر، وقوله: "لا أفضل من ذلك"، ودعاؤه على من صام الأبد انتهى.

وبحديث أنس الذي تقدمت الإشارة إليه أيضًا في كلام الشوكانيّ مع وجه الاستدلال منه. وبحديث رجل من أصحاب النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: قيل للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -رجل يصوم الدهر؟ قال: "وددت أنه لم يطعم الدهر شيئًا … " الحديث. أخرجه المصنّف (٤).

قال السنديّ: أي وددت أنه ما أكل ليلاً، ولا نهارًا حتى مات جوعًا، والمقصود بيان كراهة عمله، وأنه مذموم العمل، حتى يتمنى له الموت بالجوع.

وبحديث أبي موسى، رفعه: "من صام الدهر ضُيّقت عليه جهنم هكذا، وقبض كفّه". أخرجه أحمد، والنسائيّ، وابن خزيمة، وابن حبّان، والبيهقيّ (٥)، وابن أبي شيبة، والبزّار، ولفظ ابن حبّان، والبزار، والبيهقيّ: "ضيّقت عليه جهنم هكذا، وعقد - تسعين ". وأخرجه أيضًا الطبرانيّ، قال الهيثميّ (٦): رجاله رجال الصحيح.


(١) - يأتي برقم -٧٢/ ٢٣٨٠ - .
(٢) - يأتي برقم -٧٢/ ٢٣٧٩ - .
(٣) - يأتي برقم -٧١/ ٢٣٧٣ و ٢٣٧٤ و ٢٣٧٥ و ٢٣٧٦.
(٤) - يأتي برقم -٧٥/ ٢٣٨٥.
(٥) - "السنن الكبرى" ج ٤ ص ٣٠٠.
(٦) - "مجمع الزوائد" ج ٣ ص ١٩٣.