(صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّام) بالرفع على أنه خبر لمحذوف، أي هو صوم ثلاثة أيام (مِنْ كُلِّ شَهْرٍ).
واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث صحيح، ولا يقال: فيه سفيان والأعمش من المدلسين؛ لأنه تشهد له الأحاديث الآتية، وهو من أفراد المصنّف، أخرجه هنا-٧٥/ ٢٣٨٥ و ٢٣٨٦ - وفي "الكبرى" ٧٥/ ٢٦٩٣ و ٢٦٩٤. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٣٨٦ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ, عَنْ أَبِي عَمَّارٍ, عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ, قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - رَجُلٌ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ, صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: وَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يَطْعَمِ الدَّهْرَ شَيْئًا, قَالَ: فَثُلُثَيْهِ؟ , قَالَ: «أَكْثَرَ» , قَالَ: فَنِصْفَهُ؟ , قَالَ: «أَكْثَرَ» , قَالَ: «أَفَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ؟» , قَالُوا: بَلَى, قَالَ: «صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ, مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد هم المذكورون في السند الماضي، غير شيخه، محمد بن العلاء، أبي كريب، وغير أبي معاوية محمد بن خازم الضرير.
والحديث مرسل؛ لأن عمرو بن شُرحبيل تابعيّ، لكن يشهد له ما قبله، فهو صحيح به. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٣٨٧ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ, عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ, عَنْ أَبِي قَتَادَةَ, قَالَ: قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟ , قَالَ: "لَا صَامَ, وَلَا أَفْطَرَ" أَوْ "لَمْ يَصُمْ, وَلَمْ يُفْطِرْ", قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ, وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ , قَالَ: أَوَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ؟ , قَالَ: فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ يَوْمًا, وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ: «ذَلِكَ صَوْمُ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -» , قَالَ: فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ يَوْمًا, وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ؟ , قَالَ: «وَدِدْتُ أَنِّي أُطِيقُ ذَلِكَ» , قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ, وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ, هَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، و"حماد": هو ابن زيد.
وقوله: أَوَ يطيق ذلك" الهمزة للاستفهام، والواو عاطفة، قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: كأنه كرهه؛ لأنه مما يُعجَز عنه في الغالب، فلا يُرغَب فيه في دين سَهْلٍ سَمْحٍ انتهى.
وقوله: "ذاك صوم داود" أي وصومه أفضل الصيام، وكأنه تركه لتقريره ذلك غير مرّة. واللَّه تعالى أعلم.