للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "صُمْ يَوْمَيْنِ، وَأَفْطِرْ يَوْمًا") ووقع عند البخاريّ في "فضائل القرآن" بلفظ: "صم ثلاثة أيام في الجمعة، قال: قلت: أطيق أكثر من ذلك، قال: أفطر يومين، وصم يومًا".

قال الداوديّ: هذا وَهَمٌ من الراوي؛ لأن ثلاثة أيام من الجمعة أكثر من فطر يومين، وصيام يوم، وهو إنما يُدَرِّجه من الصيام القليل إلى الصيام الكثير. قال الحافظ: وهو اعتراض متّجه، فلعلّه وقع من الراوي فيه تقديم وتأخير، وقد سلمت رواية هشيم من ذلك، ولفظه: "صم في كل شهر ثلاثة أيام، قال: إنى أقوى من ذلك، فلم يزل يرفعني، حتى قال: صم يومًا، وأفطر يومًا انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رواية المصنّف سالمة من الاعتراض المذكور، خلاف مما يوهمه ما قاله السنديّ في "شرحه" (١).

(قَالَ: إِنِّي أُطِيقُ، أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "صُمْ أَفْضَلَ الصِّيَامِ، صِيَامَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام) بنصب "صيام" على البدلية، أو البيان، أو بتقدير "أعني"، ويجوز رفعه على أنه خبر لمبتدإ محذوف، أي هو، ولا يجوز جرّه.

وفي رواية لمسلم: "فصم صوم داود نبيّ اللَّه - عليه السلام -، فإنه كان أعبد الناس". قال القرطبيّ: إنما أحاله على صوم داود، ووصفه بأنه كان أعبد الناس؛ لقوله تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: ١٧]، قال ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -: "الأَيْدُ" هنا القوة على العبادة، و"الأواب" الرجّاع إلى اللَّه تعالى، وإلى عبادته، وتسبيحه انتهى (٢) (صَوْمُ يَوْمٍ، وَفِطْرُ يَوْمٍ") بالرفع على الخبرية لمحذوف، أي هو، ويجوز النصب، كما تقدّم فيَ الذي قبله.

وزاد في رواية: "ولا تزد عليه وفي أخرى: "قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا أفضل من ذلك"، وفي رواية: "ولكن أدلّك على صوم الدهر، ثلاثة أيام من الشهر"، قلت: يا رسول اللَّه، إني أطيق أكثر من ذلك، قال: "صم خمسة أيام"، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: "فصم عشرًا"، فقلت: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: "فصم صوم داود - عليه السلام - … ". وفي رواية: "صوم يوما" -يعني من كل عشرة أيام- ولك أجر ما بقي قال: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: "صم يومين، ولك أجر ما بقي قال: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: "صم ثلاثة أيام، ولك أجر ما بقي قال: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: "صم أربعة أيام، ولك أجر ما بقي"، قال: إني


(١) - راجع "شرح السنديّ" ج ٤ ص ٢١٠.
(٢) - "المفهم" ج ٣ ص ٢٢٦.