عن القيام بالفرائض ونحوها.
وقوله: (وَإِنَّ لِزَوْجَتِكَ عَلَيْكَ حَقًّا): أي في الوطء، فإذا سرد الزوج الصوم، ووالى القيام في الليل ضعف عن حقها.
وقوله: (وإِن لِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حقًّا): أي في البسط، والمؤانسة، وغيرهما، فيعجز بالصام والقيام عن حسن معاشرته، والقيام بخدمته، ومجالسته، إما لضعف البدن، أو لسوء خلقه، أو يدخل الوحشة عليه بعدم الأكل معه بسبب صومه.
وقوله: (وَإِنَّ لِصَدِيقِكَ عَلَيْكَ حقًّا): من عطف الخاصّ على العامّ.
وفي رواية: "ولأهلك حقا" والمراد بالأهل هنا الأولاد، والقرابة، وحقهم هو الرفق بهم، والانفاق عليهم، ومؤاكلتهم، وتأنيسهم، وملازمةُ ما التزم من سرد الصوم، وقيام الليل يؤدي إلى امتناع تلك الحوق كلها، ويفيد أن الحقوق إذا تعارضت قُدّم الأولى. قاله القرطبيّ (١).
وقوله: "فشددتُ، فشُدِّد عليّ" الأول بالبناء للفاعل، والثاني بالبناء للمفعول، يعني أنه شدد في مطالبة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -بالزيادة، وشدد - صلى اللَّه عليه وسلم - عليه في مطالبة التنقيص.
والحديث صحيح. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٣٩٢ - (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ, وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ, قَالَ: ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, أَنَّهُ يَقُولُ: لأَقُومَنَّ اللَّيْلَ, وَلأَصُومَنَّ النَّهَارَ, مَا عِشْتُ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -:: «أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ ذَلِكَ؟» , فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ, فَصُمْ وَأَفْطِرْ, وَنَمْ وَقُمْ, وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ, فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا, وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ» , قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ, قَالَ: «صُمْ يَوْمًا, وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ» , فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ, قَالَ: «فَصُمْ يَوْمًا, وَأَفْطِرْ يَوْمًا, وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ, وَهُوَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ». قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ» , قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: لأَنْ أَكُونَ قَبِلْتُ الثَّلَاثَةَ الأَيَّامَ, الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه، وهو
(١) - "المفهم" ج٣ ص ٢٢٥.