أشار الأثرم إلى ذلك أخيرًا، فقال: إن ثبتت الكراهة حملت على الإرشاد، والتأديب، لا على التحريم، وبذلك جزم الطبري، وأيده بأنه لو كان جائزًا، ثم حرمه، أو كان حرامًا، ثم جوزه لبين - صلى الله عليه وسلم - ذلك بيانًا واضحًا، فلما تعارضت الأخبار بذلك جمعنا بينها بهذا.
وقيل: إن النهي عن ذلك إنما هو من جهة الطب مخافة وقوع ضرر به، فإن الشرب قاعدا أمكن وأقوى، وأبعد من الشَّرَق، وحصول الوَجَع في الكبد، أو الحَلْق، وكل ذلك قد لا يأمن منه من شرب قائما اهـ فتح الباري جـ ١٠/ ص ٨٥ - ٨٧.
قال الجامع: الذي يترجح عندي مسلك من جمع يحمل أحاديث النهي على كراهة التنزيه، كما رجحه الحافظ، لأن به تجتمع الأدلة من غير إجحاف ببعضها، ولا تكلف، والله أعلم.
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت، وإليه أنيب.