للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أيضا اتفاق العلماء على أنه ليس على أحد شرب قائما أن يستقيء.

المسلك الثاني: دعوى النسخ، وإليها جنح الأثرم، وابن شاهين، فقرروا على أن أحاديث النهي على تقدير ثبوتها منسوخة بأحاديث الجواز، بقرينة عمل الخلفاء الراشدين، ومعظم الصحابة والتابعين

بالجواز.

وقد عكس ذلك ابن حزم، فادعى نسخ أحاديث الجواز بأحاديث النهي متمسكا بأن الجواز على وفق الأصل، وأحاديث النهي مقررة لحكم الشرع، فمن ادعى الجواز بعد النهي فعليه البيان، فإن النسخ لا يثبت بالاحتمال.

وأجاب بعضهم بأن أحاديث الجواز متأخرة لما وقع منه - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع أنه شرب من زمزم، وهو قائم، وإذا كان ذلك الأخير من فعله - صلى الله عليه وسلم - دل على الجواز، ويتأيد بفعل الخلفاء الراشدين بعده.

المسلك الثالث: الجمع بين الخبرين بضرب من التأويل، فقال أبو الفرج الثقفي في نصرة الصحاح: والمراد بالقيام هنا المشي، يقال: قام في الأمر إذا مشى فيه، وقمت في حاجتي: إذا سعيت فيها وقضيتها ومنه قوله تعالى {إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: ٧٥] أي مواظبًا بالمشي عليه.

وجنح الطحاوي إلى تأويل آخر، وهو حمل النهي على من لم يسم عند شربه، وهذا إن سلم له في بعض ألفاظ الحديث، لم يسلم له في بقيتها.

ومسلك آخر في الجمع: يحمل أحاديث النهي على كراهة التنزيه، وأحاديث الجواز على بيانه، وهي طريقة الخطابي، وابن بطال في آخرين، وهذا أحسن المسالك، وأسلمها وأبعدها من الاعتراض، وقد