للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ومنها): أنه مسلسل بالبصريين. (ومنها): أن شيخه هو أحد مشايخ الأئمة الستة الذين رووا عنهم بلا واسطة. واللَّه تعالى أعلم.

شرحِ الحديث

عن بهز بن حكيم أنه (قال: حَدَّثَنِي أَبِي) حكيم (عَنْ جَدِّي) معاوية بن حَيْدَة - رضي اللَّه عنه -، أنه (قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، يَقُولُ: (فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ) اسم فاعل من سامت الماشيةُ سَوْمًا، من باب "قال": إذا رَعَت بنفسها، ويتعدّى بالهمزة، فيقال: أسامها راعيها. قال ابن خَالَوَيْهِ: ولم يُستعمل اسم مفعول من الرباعيّ، بل جُعل نسيًا منسيًا، ويقال: أسامها، فهي سائمة. قاله في "المصباح".

(فِي كُلِّ أرْبَعِينَ) بدل من الجارّ والمجرور قبله. والظاهر أن هذا إذا زادت الإبل على مائة وعشرين، فلا يخالف الأحاديث الأخرى، على ما سيأتي بيانها في الباب التالي، إن شاء اللَّه تعالى (ابْنَةُ لَبُونٍ) هي التي دخلت في السنة الثالثة، من أولاد الناقة، والذكر ابن لبون، سميت بذلك؛ لأن أمها ولدت غيرها، فصار لها لبن، وجع الذكور كالإناث، يقال: بنات لبون.

(لَا يُفَرَّقُ إِبِلٌ عَنْ حِسَابِهَا) ببناء الفعل للمفعول، أي لا يجوز لأحد الخليطين أن يُفرّق إبله عن إبل صاحبه؛ فرارًا من الصدقة، فقوله: "عن حسابها": أي عن مقدارها، وعددها الذي تجب فيه الزكاة، كما إذا كان لأحد الخليطين ثلاث من الإبل، وللآخر اثنان، فإن في مجموعها شاة، ولو فرقاها لا يجب عليهما شيء (١).

وقال السنديّ: قوله: "لا يفرّق الخ": أي يُحَاسَبُ الكلُّ في الأربعين، ولا يُترك هزال، ولا سمين، ولا صغير، ولا كبير، نعم العامل لا يأخذ إلا الوسط (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: التفسير الأول أوضح. واللَّه تعالى أعلم.

(مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا) بالهمز، أي طالبًا للأجر (فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ أَبَي) أي امتنع من إعطائها طوعًا (فَإِنَّا آخِذُوهَا) أي آخذون إياها منه قهرًا.

واستُدلّ به على أنه يجوز للإمام أن يأخذ الزكاة قهرًا إذا لم يرضَ ربُّ المال، وعلى أنه يُكتَفَى بنية الإمام، كما ذهب إليه الشافعيّ، وبعض أهل العلم. وعلى أن ولاية قبض الزكاة إلى الإمام. وإلى هذا ذهب الحنفية، ومالك، والشافعيّ في أحد قوليه (٣) (وَشَطْرَ إِبِلِهِ) أي نصف إبله عقوبةً له على منع الزكاة. وفي نسخة: "وشطر ماله". وأفادت رواية


(١) - راجع "المنهل" ج ٩ ص ١٧٠.
(٢) - انظر "شرح السنديّ" ج ٥ ص ١٦.
(٣) - انظر "نيل الأوطار" ج ٤ ص ١٤٧.