للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"الوسق ستون صاعًا مختومًا بالحجّاجيّ". وأخرج الدارقطنيّ من حديث عائشة - رضي اللَّه عنها - أيضًا: "والوسق ستون صاعًا".

ومعنى قوله: "مختومًا": أي صاعًا مُعْلَمًا بخاتم في أعلاه، قال أبو عبيد -رَحِمَهُ اللَّهُ- تعالى في "كتاب الأموال": والمختوم ههنا الصالح بعينه، وإنما سمّي مختومًا؛ لأن الأمراء جعلت على أعلاه خاتمًا مطبوعًا؛ لئلا يُزاد فيه، ولا يُنقص منه انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيهان]:

(الأول): "الأَوْسُق" جمع قلة للوَسْق -بفتح الواو، كفَلْس وأَفْلُس، ويجوز كسرها- كما حكاه صاحب "المحكم" وغيره، والأشهر فتح الواو، وجمعه في الكسر أوساق، كحِمْلٍ وأَحمال. وأصله في اللغة: الْحِمْلُ.

واختلفوا في اشتقاق الوَسْق، فقال شَمِر: كلّ شيء حَمَلْتَه فقد وَسَقته، يقال: ما أفعلُ كذا ما وَسَقَت عيني الماءَ: أي ما حملته. وقال غيره: الوسق ضمّك الشيء إلى الشيء، ومنه قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} [الانشقاق: ١٧]: أي جمع، وضمّ، وذلك أن الليل يضمّ كلّ شيء إلى مأواه، واستوسق الشيءُ: إذا اجتمع وكمل. وقيل: معنى وَسَقَ: علا، وذلك أن الليل يعلو كلّ شيء، ويُجَلِّلُه، ولا يمتنع منه شيء، ويقال للذي يجمع الإبل: وَاسِقٌ، وللإبل نفسها: وَسَقَت، وقد وسقتها، فاستوسقت: أي اجتمعت، وانضمّت.

وقال الخطّابيّ: الوسق تمام حِمْل الدوابّ النقّالة، وهو ستون صاعًا. وقال غيره: والصاع أربعة أمداد، والمدّ رطل وثلث بالبغداديّ، والرطل البغداديّ اثنا عشر أوقيّة، والأُوقيّة هنا زنة عشرة دراهم، وثلثي درهم، من دراهم عبد الملك بن مروان، فمبلغ زنة الرطل من ذلك مائة درهم وثمانية وعشرون درهمًا.

قال الإمام ابن الملقّن: كذا قدره القرطبيّ، وهو أحد الأوجه عن الشافعيّة، والأصحّ عند الرافعيّ أنه مائة وثلاثون. والأصحّ عند النوويّ أنه مائة وثمانية وعشرون درهمًا

وأربعة أسباع درهم. فالأوسق الخمسة: ألف وستمائة رطل بالبغداديّ.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رأيت في كلام الشيخ عبد اللَّه البسّام في كتابه "توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام": ما نصّه: والوسق ستون صاعًا، فيكون نصاب الحبوب والثمار ثلاثمائة صاع، والصاع في الموازين الحاضرة ٣٠٠٠ (ثلاثة آلاف


(١) -"كتاب الأموال" ص ٥١٨.