للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غرامًا) وهذا تقدير تقريبيّ احتياطي بالحنطة الرزينة، فيكون الثلاثمائة صاع ٩٠٠٠ (تسعة آلاف غرامًا) (١).

وقد بحث مجلس هيئة كبار العلماء في قدر الصالح النبويّ بالنسبة للمكاييل الحديثة، فلم يصلوا إلى تحديد متيقّن حاسم، وذلك لعدم وجود صاع نبويّ متيقّن، فكان رأي غالب الأعضاء تقديره بثلاثة آلاف غرام، وهذا احتياط لصدقة الفطر ونحوها. انتهى (٢).

قال ابن الملقّن: وهل هذا التقدير بالأرطال تقريبٌ، أم تحديدٌ وجهان للشافعيّة، أصحّهما أنه تحديد، كسائر النُّصُب، وهو ظاهر الحديث. وقيل: تقريبٌ. ووقع في "شرح مسلم للنوويّ" تصحيحه، وتبعه على ذلك الفاكهيّ، وابن العطار، ورجّحه الشيخ ابن دقيق العيد، فقال: الأظهر أن النقصان اليسير لا يمنع إطلاق الاسم في العرف، ولا يَعبَأُ به أهل العرف أنه يغتفر (٣). واللَّه تعالى أعلم.

(الثاني): أنه لم يقع في هذا الحديث بيان الْمَكِيل بالأوسق، لكن وقع في رواية المصنّف الآتية في ١٨/ ٢٤٧٤ - بلفظ: "ليس فيما دون خمسة أوسق، من التمر صدقة". وفي لفظ ٢١/ ٢٤٨٣: "ليس فيما دون خمس أوساقٍ، من حبّ، أو تمر صدقة". وفي لفظ ٢٢/ ٢٤٨٤ - : "لا يَحُلُّ في البرّ والتمر زكاة حتى تبلغ خمسة أوسق". وفي لفظ ٢٣/ ٢٤٨٥ - : "ليس في حبّ، ولا تمر صدقة حتى تبلغ خمسة أوسق". ونحوُ ذلك في بعض روايات مسلم في "صحيحه".

(صَدَقَةٌ) أي زكاة، والمراد بها العشر، أو نصف العشر، على ما سيأتي. قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: ولفظ "دون" في المواضع الثلاثة بمعنى "أقلّ"، لا أنه نَفَى عن غير الخمس الصدقة، كما زعم بعض من لا يُعتدّ بقوله انتهى.

والمعنى أنه إذا خرج من الأرض أقلّ من ذلك فلا زكاة فيه، وبه أخذ جمهور أهل العلم، وهو الحقّ والصواب، وخالفهم فيه أبو حنيفة، فقال: في قليل ما أخرجته الأرض وكثيره الزكاة، وهو قول إبراهيم النخعي، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز. وخالف أبو يوسف، ومحمد الإمام أبا حنيفة، فقالا بقول الجمهور، وهو الحقّ الذي تدلّ عليه النصوص الصريحة، وسيأتي تحقيق القول في ذلك مستوفًى في -٢٤/ ٢٤٨٦ -


(١) - هكذا عبارة الشيخ، وهو غير صحيح، والصواب ٩٠٠٠٠٠ (تسعون ألف غرام). فليحرّر.
(٢) -"توضيح الأحكام من بلوغ المرام" ج ٣ ص ٤٥.
(٣) - "المفهم" ج ٣ ص ٩ - ١٠ و"الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ج ٥ ص ٤٥ - ٤٧. و"إحكام الأحكام" ج٣ ص ٢٨٦ - ٢٨٨.