للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

باب القدر الذي تجب فيه الصدقة"، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم.

(وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدِ صَدَقَةٌ) الرواية المشهورة إضافة "خمس" إلى "ذود"، وروي بتنوين "خمس"، فيكون "ذود" بدلًا منها، والمعروف الأول، ونقله ابن عبد البرّ، والقاضي عياض عن الجمهور.

والذود أصله -كما قال القرطبيّ- من ذاد يذود: إذا دفع شيئًا، فهو مصدرٌ، فكأن من كان عنده دفع عن نفسه مَعرَّة الفقر، وشدّة الفاقة والحاجة (١).

وهو عند أهل اللغة من الثلاثة إلى العشرة، من الإبل، لا واحد له من لفظه. قالوا: ويقال في الواحد بعير. قالوا: وكذلك النفَرُ، والرَّهْطُ، والقوم، والنساء، وأشباه هذه الألفاظ، لا واحد لها من لفظها. قالوا: وقولهم: "خمس ذود" كقولهم: "خمسة أبعرة"، و"خمسة جِمَال"، و"خمس نُوق"، و"خمس نسوة". وقال سيبويه: تقول: ثلاث ذود؛ لأن الذود مؤنّثٌ، وليس باسم كُسِّرَ عليه مذكّره. وقال أبو عُبيد: الذود ما بين الثنتين إلى التسع. - وقوله مخالف جمهورَ أهل اللغة- قال: وهو مختصّ بالإناث.

وقال الأصمعيّ: لما ذكر أن الذود من الثلاث إلى العشرة الصُّبّة -بالضمّ-: خمسٌ، أو ستٌّ. والصِّرْمَة -بالكسر-: ما بين العشر إلى العشرين، والْعَكَرَةُ -محرّكةٌ-: ما بين العشرين إلى الثلاثين. والْهَجْمَة -بفتح، فسكون-: ما بين الستين إلى السبعين. والْهُنَيدُ -مصغّرًا-: مائة. والْخِطْرُ -بكسر، فسكون، وتُفتح خاؤه-: نحو المائتين. والْعَرْجُ- بفتح، فسكون- من خمسائة إلى ألف.

وقال أبو عبيد وغيره: الصِّرْمة: من العشرين إلى الأربعين. وقال غير الأصمعيّ: وهِنْد -بكسر، فسكون- غير مصغّر مائتان، وأُمَامة -بالضمّ- ثلاثمائة.

وأنكر ابن قُتيبة أن يُراد بالذود الواحد، وقال: لا يصحّ أن يقال خمس ذود، كما لا يقال: خمس ثوب. وغلّطه العلماء، بل هذا اللفظ شائعٌ مسموع من العرب، معروف في كتب اللغة، وهو ثابت في الأحاديث الصحيحة، وليس جمعًا لمفرد، بخلاف الأثواب.

قال أبو حاتم السجستانيّ: تركوا القياس في الجمع، فقالوا: خمس ذود من الإبل، وثلاث ذود، لثلاث من الإبل، وأربع ذود، وعشر ذود، على غير قياس، كما قالوا: ثلاثمائة، وأربعمائة، والقياس مئين، ومئات، ولا يكادون يقولونه.

وقال القرطبيّ: وهذا صريح بأن الذود واحد في لفظه، والأشهر ما قاله المتقدّمون


(١) - "المفهم" ج ٣ ص ٨.