للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أنه لا يقال على الواحد.

ثم اعلم أن رواية الجمهور: "خمس ذود"، ورواه بعضهم "خمسة ذود" وكلاهما لرواية مسلم، ولكن الأول أشهر، وهما صحيحان في اللغة، فإثبات الهاء لإطلاقه على المذكّر والمؤنث، ومَن حَذَفَها: أراد أن الواحدة منه فريضة. قاله الإمام ابن الملقّن -رحمه اللَّه تعالى- (١).

(وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ") زاد مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيد - صلى اللَّه عليه وسلم -: "خمس أواق، من الوَرِق صدقة". و"أواق" بالتنوين، وبإثبات التحتانيّة، مشدّدًا، ومخفّفًا، جمع أوقيّة -بضمّ الهمزة، وتشديد التحتانيّة- وحكى اللحيانيّ: "وقيّة" -بحذف الألف، وفتح الواو- ومقدار الأوقيّة في هذا الحديث أربعون درهمًا بالاتفاق. والمراد بالدرهم الخالص من الفضّة، سواء كان مضروبًا، أو غير مضروب. قال القاضي عياض: قال أبو عبيد: إن الدرهم لم يكن معلوم المقدار حتى جاء عبد الملك بن مروان، فجمع العلماء، فجعلوا كلّ عشرة دراهم سبعة مثاقيل. قال: وهذا يلزم منه أن يكون - صلى اللَّه عليه وسلم - أحال بنصاب الزكاة على أمر مجهول، وهو مشكل، والصواب أن معنى ما نُقل من ذلك أنه لم يكن شيء منها من ضرب الإسلام، وكانت مختلفة في الوزن بالنسبة إلى العدد، فعشرة مثلًا وزن عشرة، وعشرة وزن ثمانية، فاتفق الرأي على أن تنقش بكتابة عربيّة، ويصير وزنها واحدًا. وقال غيره: لم يتغيّر المثقال في جاهلية، ولا إسلام، وأما الدراهم فأجمعوا على أن كلّ سبعة مثاقيل عشرة دراهم، ولم يُخالف في أن نصاب الزكاة مائتا درهم، يبلغ مائة وأربعين مثقالًا من الفضّة الخالصة إلا ابن حبيب الأندلسيّ، فإنه انفرد بقوله: إن كلّ أهل بلد يتعاملون بدراهمهم. وذكر ابن عبد البرّ الإجماع، فاعتبر النصاب بالعدد، لا الوزن. وانفرد السرخسيّ من الشافعيّة بحكاية وجه في المذهب أن الدراهم المغشوشة إذا بلغت قدرًا لو ضمّ إليه قيمة الغشّ من نحاس مثلاً لبلغ نصابًا فإن الزكاة تجب فيه، كما نُقل عن أبي حنيفة.

واستُدِلّ بهذا الحديث على عدم الوجوب فيما إذا نقص من النصاب، ولو حبّة واحدة، خلافًا لمن سامح بنقص يسير، كما نقل عن بعض المالكيّة. قاله في "الفتح" (٢).

وسيأتي تمام البحث في الدراهم والدنانير مُستَوفًى في -١٨/ ٢٤٧٣ - "باب زكاة


(١) - "الإعلام" ج٥ ص ٤١ - ٤٤.
(٢) - "فتح" ج٤ ص ٦٦ - ٦٧