ولمسلم من طريق حَبَّان بن واسع، عن عبد الله بن زيد، أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، وفيه "وغسل يده اليمنى ثلاثا، ثم الأخرى ثلاثا"، نقله الزرقاني جـ ١/ ص ٤٤.
وقال النووي رحمه الله في شرح مسلم: في هذا الحديث دلالة على جواز مخالفة الأعضاء، وغسل بعضها ثلاثا، وبعضها مرتين، وهذا جائز، والوضوء على هذه الصفة صحيح بلا شك، ولكن المستحب التثليث، وإنما كانت مخالفته من النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأوقات بيانًا للجواز، كما توضأ - صلى الله عليه وسلم - مرة مرة في بعض الأوقات، بيانا للجواز، وكان في ذلك الوقت أفضل في حقه - صلى الله عليه وسلم -، لأن البيان واجب عليه.
فإن قيل: البيان يحصل بالقول، قلنا: بالفعل أوقع في النفوس، وأبعد من التأويل اهـ.
(إلى المرفقين) تثنية مرفق بكسر الميم وفتح الفاء، وبفتح الميم وكسر الفاء لغتان مشهورتان، قاله الزرقاني، وقال الحافظ: هو العظم الناتئ في آخر الذراع، وسمي بذلك لأنه يرتفق به في الاتكاء ونحوه.
وقد اختلف العلماء: هل يدخل المرفقان في غسل اليدين أم لا؟ فقال المعظم: نعم، وخالف في ذلك زفر، وحكاه بعضهم عن مالك، واحتج بعضهم للجمهور بأن "إلى" في الآية بمعنى "مع"، كقوله تعالى {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ}[النساء: ٢] وتعقب بأنه خلاف الظاهر، وأجيب بأن القرينة دلت عليه وهي كون ما بعد "إلى" من جنس ما قبلها، وقال ابن القصار: اليد يتناولها الاسم إلى الإبط لحديث عمار أنه تيمم إلى الإبط، وهو من أهل اللغة، فلما جاء قوله تعالى {إِلَى الْمَرَافِقِ}[المائدة: ٦] بقي المرفق مغسولا مع الذراعين، بحق الاسم، انتهى. فعلى هذا فَـ"إلى" هنا حد للمتروك من غسل اليدين لا