للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المصدّق إذا أراد أن يظلم المزكّي، فله أن يأباه، ولا يتحرّى رضاه، وحديث جرير، وهو قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أرضوا مصدّقيكم، وإن ظُلمتم" على خلاف ذلك.

وأجاب الطيبيّ -رحمه اللَّه تعالى- بأن أولئك المصدّقين من الصحابة، وهم لم يكونوا ظالمين، وكأن نسبة الظلم إليهم على زعم المزكِّي، أو جريانٌ على سبيل المبالغة، وهذا عامّ، فلا منافاة بينهما انتهى.

وقد يُجاب بأن الأول محمول على الاستحباب، وهذا على الرخصة والجواز. أو الأول إذا كان يَخشَى التهمة والفتنة، وهذا عند عدمهما.

قال في "شرح السنّة": فيه دليل على إباحة الدفع عن ماله إذا طولب بغير حقّه. انتهى (١).

(فِيمَا دُونَ خَمْسِ وَعِشْرِينَ) الجار والجرور، متعلّق بفعل مقدّر، أي "يجب"، أو بمبتدأ مقدّر، أي "الواجب". أو خبر مقدّم لقوله: "شاة". ولفظ البخاريّ: "في أربع وعشرين، من الإبل، فما دونها من الغنم، من كلّ خمسٍ شاةٌ"

قال في "الفتح": وقوله: "من الغنم" كذا للأكثر، وفي رواية ابن السكن بإسقاط "من"، وصوّبها بعضهم. وقال عياض: من أثبتها، فمعناه: زكاتُها -أي الإبل- من الغنم، و"من" للبيان، لا للتبعيض. ومن حذفها فـ"الغنم" مبتدأ، والخبر مضمرٌ في قوله: "في كلّ أربع وعشرين" وما بعده، وإنما قدّم الخبر لأن الغرض بيان المقادير التي تجب فيها الزكاة، والزكاة إنما تجب بعد وجود النصاب، فحسُن التقديم. انتهى.

وقال الطيبيّ: "من" الأولى ظرف مستقرّ, لأنه بيان لـ"شاةٌ" توكيدًا، كما في قوله: "خمس ذَود من الإبل"، والثانية لغوٌ، ابتدائيّة، متّصلة بالفعل المحذوف، أي لِيُعْطَ في أربع وعشرين من الإبل شاةٌ كائنة من الغنم لأجل كلّ خمس من الإبل. وقيل: "من الغنم" خبر لمبتدإ محذوف، أي الصدقة في أربع وعشرين من الإبل من الغنم. وقوله: "من كلّ خمس شاةٌ" مبتدأ وخبر، بيان للجملة المتقدّمة (٢).

والحاصل أن هذه الجملة مستأنفة أتى بها بيائا لقوله "إن هذه فرائض الصدقة التي فرض رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - على المسلمين الخ"، وكأنه أشار بـ: "هذه" إلى ما في الذهن، ثم أتى به بيانًا له (مِنَ الإِبِلِ) بيان لـ"خمس وعشرين"، وبدأ بزكاة الإبل لأنها كانت جُلّ أموالهم، وأنفَسَها حينئذ.


(١) - راجع "المرعاة" ج ٦ ص ٩٨.
(٢) - راجع "المرعاة" ج ٦ ص ٩٨.