للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سلمة، أخذنا هذا الكتاب من ثمامة، يحدّثه عن أنس، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فذكره. فوضح أن حمادًا سمعه من ثمامة، وأقرأه الكتاب، فانتفى تعليل من أعلّه بكونه مكاتبة، وانتفى تعليل من أعلّه يكون عبد اللَّه بن المثنّى لم يُتابع عليه انتهى كلام الحافظ (١).

وقد تكلّم ابن معين أيضًا على حديث أنس هذا، ففي "الأطراف" للمقدسيّ: قيل لابن معين: حديث ثمامة، عن أنس في الصدقات، قال: لا يصحّ، وليس بشيء، ولا يصحّ في هذا حديث في الصدقات انتهى (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: وقد ردّ على كلام ابن معين هذا ابن حزم وغيره: قال الإمام أبو محمد ابن حزم -رحمه اللَّه تعالى- في "المحلّى" بعد أن ساقه من طريق البخاريّ، وأبي داود، والنسائيّ، وغيرهم: ما نصّه:

هذا الحديث في نهاية الصحّة، وعَمِلَ به أبو بكر الصدّيق - رضي اللَّه عنه - بحضرة جميع الصحابة، لا يُعرف له منهم مخالف أصلاً، وبأقلّ من هذا يدّعي مخالفونا الإجماع، ويشنّعون علينا، رواه عن أبي بكرٍ أنسٌ، وهو صاحبٌ، ورواه عن أنس ثمامة بن عبد اللَّه بن أنس، وهو ثقة سمعه من أنس، ورواه عن ثمامة حماد بن سلمة، وعبد اللَّه ابن المثنّى، وكلاهما ثقة وإمام، ورواه عن ابن المثنّى ابنه القاضي محمد، وهو مشهور ثقة، وَلي قضاء البصرة، ورواه عن محمد بن عبد اللَّه محمدُ بنُ إسماعيل البخاريّ، جامع "الصحيح"، وأبو قلابة، وإسماعيل بن إسحاق القاضي، والناس. ورواه عن حماد بن سلمة يونس بن محمد، وشُريح بن النعمان، وموسى بن إسماعيل التبوذكيّ، وأبو كامل الْمُظَفَّر بن مُدرِك، وغيرهم، وكلّ هؤلاء إمام ثقة، مشهور.

والعجب ممن يَعترض في هذا الخبر بتضعيف يحيى بن معين لحماد بن سلمة هذا! وليس في كلّ من رواه عن حمّاد بن سلمة -ممن ذكرنا- أحد إلّا وهو أجلّ وأوثق من يحيى بن معين، وإنما يؤخذ كلام يحيى بن معين وغيره إذا ضعّفوا غير مشهور بالعدالة، وأما دعوى ابن معين، أو غيره ضعف حديث رواه الثقات، أو ادّعوا فيه أنه خطأ من غير أن يذكروا فيه تدليسًا، فكلامهم مطّرَحٌ مردودٌ، لأنه دعوى بلا برهان، وقد قال اللَّه تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [النمل: ٦٤]، ولا مَغْمَزَ لأحد في أحد من رُواة هذا الحديث، فمن عانده، فقد عاند الحقّ، وأَمْرَ اللَّه، وأمرَ رسوله - صلى اللَّه عليه وسلم -، لا سيّما من يحتجّ في دينه بالمرسلات، وبرواية ابن لهيعة، ورواية جابر الجعفيّ المتّهم في دينه: "لا يؤمّنّ أحدٌ بعدي جالسًا"، ورواية حرام بن عثمان -الذي لا تحلّ الرواية عنه-


(١) -"فتح" ج٤ ص٧٥.
(٢) - انظر "الجوهر النقيّ" ج٤ ص٨٩ - ٩٠ ..