متروك بالإجماع، غير مأخوذ به في قول أحد من العلماء، وهو أنه قال:"في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه". وروى أبو داود الحديثين معًا في هذا الباب، وذكر أن شعبة وسفيان لم يرفعا حديث عاصم بن ضمرة، ووقفاه على عليّ - رضي اللَّه عنه - انتهى كلام الخطّابيّ -رحمه اللَّه تعالى- (١).
قال صاحب "المرعاة" بعد ذكر الأقوال وأدلتها: ما نصّه:
وقد ظهر بما حرّرنا فسادُ قول الحنفيّة، وخلافهم للروايات المرفوعة المشهورة، ولأبي بكر، وعمر، وعليّ، وأنس، وابن عمر، وسائر الصحابة، والتابعين، دون أن يتعلّقوا برواية صريحة صحيحة عن أحد منهم بمثل قولهم، إلا عن إبراهيم النخعيّ وحده. انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أرجح المذاهب في هذه المسألة مذهب الجمهور القائلين بمقتضى حديث أنس - رضي اللَّه عنه - المذكور في هذا الباب؛ لوضوح حجته. وحاصله أنه إذا زادت الشياه على مائة وعشرين وجب في كلّ أربعين بنت لبون، وفي كلّ خمسين حقّة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثامنة): اختلفوا في قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ويجعل معها شاتين، إن استيسرتا، أو عشرين درهما":
فذهب إلى ظاهر الحديث إبراهيم النخعيّ، والشافعيّ، وأصحاب الحديث، والظاهرية.
وذهب سفيان الثوريّ إلى ما روي عن عليّ - رضي اللَّه عنه - أنه يَرُدّ عشرة دراهم، أو شاتين. قال ابن حزم: وروي أيضًا عن عمر - رضي اللَّه عنه -، وإليه ذهب أبو عُبيد.
وقال مالك: لا يُعطي إلا ما وجب عليه، بأن يبتاع للساعي السنّ الذي وجب له، ولا يعطي سنّا مكان سنّ بردّ شاتين، أو عشرين درهمًا.
وقال أبو حنيفة: يأخذ قيمة السنّ الذي وجب عليه، وإن شاء أخذ أفضل منها، وردّ عليه فيه دراهم، وإن شاء أخذ دونها، وأخذ الفضل دراهم، ولم يُعيّن عشرين درهمًا، ولا غيرها، فجبران ما بين السنّين غير مقدّر عنده، ولكنه بحسب الغلاء والرخص، وحمل هذا الحديث على أن تفاوت ما بين السّنّين كان ذلك القدر في تلك الأيام، لا أنه تقدير شرعيّ، بدليل ما روي عن عليّ - رضي اللَّه عنه - أنه قدّر جبران ما بين السّنّين بشاتين، أو عشرة دراهم، وروي أيضًا عن عمر - رضي اللَّه عنه -.