للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الماشية في الراعي، والمراح، والمسرح، والمسقى، ومواضع الحلب عامًا كاملاً متصلًا، وإلا فليست خلطة؛ وسواء كانت ماشيتهم مُشاعة، لا تتميّز، أو متميّزة، وزاد بعضهم الدلو، والفحل.

قال أبو محمد: وهذا القول مملوء من الخطأ.

أول ذلك أن ذكرهم الراعي كان يُغني عن ذكر المسرح والمسقى؛ لأنه لا يمكن البتّة أن يكون الراعي واحدًا، وتختلف مسارحها، ومساقيها، فصار ذكر المسرح والمسقى فضولاً.

وأيضًا فإن ذكر الفحل خطأ؛ لأنه قد يكون لإنسان واحد فحلان، وأكثر؛ لكثرة ماشيته، وراعيان، وأكثر لكثرة ماشيته، فينبغي لهم إذا أوجب اختلاطهما في الراعي والعمل أن يزكيها زكاة المنفرد، وأن تجمع ماشية إنسان واحد إذا كان له راعيان وفحلان، وهذا لا تخلّص منه.

ونسألهم إذا اختلطا في بعض هذه الوجوه: ألهما حكم الخلطة أم لا؟ فأيّ ذلك قالوا، فلا سبيل أن يكون قولهم إلا تحكّما، فاسدًا، بلا برهان، وما كان هكذا فهو باطل بلا شكّ.

قال: وهذا قول الليث بن سعد، وأحمد بن حنبل، والشافعيّ، وأبي بكر بن داود فيمن وافقه من أصحابنا. حتى إن الشافعيّ رأى حكم الخلطة جاريا كذلك في الثمار، والزروع، والدراهم، والدنانير، فرأى في جماعة بينهم خمسة أوسق فقط أن الزكاة فيها، وأن جماعة يملكون مائتي درهم فقط، أو عشرين دينارًا فقط، وهم خلطاء أن الزكاة واجبة في ذلك، ولو أنهم ألف، أو أكثر، أو أقلّ.

وقالت طائفة: إن كان يقع لكلّ واحد من الخلطاء ما فيه الزكاة زَكَّوا حينئذ زكاة المنفرد، وإن كان لا يقع لكلّ واحد منهم ما فيه الزكاة، فلا زكاة عليهم، ومن كان منهم يقع له ما فيه الزكاة، فعليه الزكاة، ومن كان غيره منهم لا يقع له ما فيه الزكاة فلا زكاة عليه. فرأى هؤلاء في اثنين فصاعدًا يملكان أربعين شاة، أو ستين، أو ما دون الثمانين، أو ثلاثين من البقر، أو ما دون الستين، وكذلك في الإبل، فلا زكاة عليهم، فإن كان ثلاثة يملكون مائة وعشرين شاة، لكلّ واحد منهم ثلثها، فليس عليهم إلا شاة واحدة فقط، وهكذا في سائر المواشي. ولم ير هؤلاء حكم الخلطة إلا في المواشي فقط.

وهو قول الأوزاعيّ، ومالك، وأبي ثور، وأبي عبيد، وأبي الحسن بن المغلس من أصحابنا (١).


(١) -يعني الظاهرية.