للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كنزك". قال في "الفتح": وفائدة هذا القول الحسرة، والزيادة في التعذيب، حيث لا ينفعه الندم، وفيه نوع من التهكّم (فَلَا يَزَالُ حَتَّى يُلْقِمَهُ أُصْبُعَهُ") بضم حرف المضارعة، من ألقمه الحجرَ: إذا أدخله في فيه.

وفي حديث ثوبان - رضي اللَّه عنه - عند ابن حبّان: "يتبعه، فيقول: أنا كنزك الذي تركتَهُ بعدَك، فلا يزال يتبعه حتى يلقمه يده، فيمضغها، ثم يتبعه سائر جسده". ولمسلم في حديث جابر - رضي اللَّه عنه -: "يتبع صاحبه حيث ذهب، وهو يفرّ منه، فإذا رأى أنه لا بدّ منه، أدخل يده في فيه، فجعل يَقضَمُهَا (١) كما يَقضَمُ الفحل". وللطبرانيّ في حديث ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -: "ينقر رأسه".

والحديث ظاهر في أن اللَّه تعالى يصيّر نفس المال بهذه الصفة. وفي حديث جابر - رضي اللَّه عنه - عند مسلم: "إلا مثل له" قال القرطبيّ: أي صُوّر، أو نُصِب، وأقيم، من قولهم: مثَلَ قائمًا: أي منتصبًا انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - هذا متفق عليه، وقد تقدّم تخريجه، والكلام على مسائله في ٢/ ٢٤٤٢ - وأتكلّم هنا على ما لم يُذكَر هناك من المسائل، فأقول:

(المسالة الأولى): قال الحافظ العراقيّ -رحمه اللَّه تعالى-: الظاهر أن قوله: "ومن حقها حلبها يوم وردها" مدرج من قول أبي هريرة، قال: وكأن أبا داود أشار إلى ذلك في "سننه" من غير تصريح، فإنه لما ذكر هذه الزيادة روى بعدها من حديث أبي عمر الغدانيّ، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - نحو هذه القصّة، فقال له يعني لأبي هريرة: فما حقّ الإبل؟، قال: تُعطي الكريمة، وتَمنَح الغزيرة، وتُفقر الظهر، وتُطرِق الفحل، وتَسقي اللبن. قال: ففي هذه الرواية أن هذا من قول أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: دعوى الإدراج المذكور غير صحيحة، فقد أخرج الحديث البخاريّ في "صحيحه"، فقال:

١٤٠٢ حدثنا الحكم بن نافع، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزناد، أن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، حدثه أنه سمع أبا هريرة، - رضي اللَّه عنه -، يقول: قال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "تأتي الإبل على صاحبها، على خير ما كانت، إذا هو لم يعط فيها حقها، تطؤه بأخفافها، وتأتي الغنم على صاحبها، على خير ما كانت، إذا لم يعط فيها حقها، تطؤه بأظلافها،


(١) - يقال: قضم الشيءَ يقضمه، من بابي تَعِبَ، وضرب: إذا كسر بأطراف الأسنان. كما في "المصباح".