للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النفقة في الجهاد، وكذلك قرى الضيف، فهو واجب بالسنة الصحيحة.

قال: وهو فرض كفاية، فمن غلب على ظنه أن غيره لا يقوم به تعيّن عليه انتهى كلام شيخ الإسلام بتصرّف (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: وهذا القول الأخير الذي اختاره ابن حزم، وابن تيميّة هو الحقّ عندي؛ لظواهر النصوص الدالّة على أن في المال حقّا سوى الزكاة، كأحاديث الباب. وأما قولهم: إنه كان قبل الزكاة، فنسخ بها، فغير صحيح، لأن الحديث من رواية أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، وهو متأخّر الإسلام عن وجوب الزكاة بيقين، فإنه أسلم عام خيبر، وفرض الزكاة كان قبل ذلك بزمان، كما تقدّم بيانه.

والحاصل أن الصواب وجوب الحقّ في المال سوى الزكاة إذا دعت الحاجة إليه، كفكّ الأسير، وإطعام المضطرّ، والمواساة في العسرة، وصلة القرابة، وتكفين الميت، وتجهيزه، ودفنه، إذا لم يوجد من يقوم به، ونحو ذلك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[تنبيه]: أخرج الترمذيّ في "جامعه"، وابن ماجه في "سننه" عن فاطمة بنت قيس - رضي اللَّه تعالى عنها -، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "إن في المال حقّا سوى الزكاة". ولفظ ابن ماجه: "في المال حقّ سوى الزكاة"، وفي بعض نسخه: "ليس في المال حقّ سوى الزكاة".

وهو ضعيف جدًّا، لا يصلح للاحتجاج به، لأن في إسناده أبا حمزة ميمون الأعور القصّاب، قال أحمد: متروك الحديث. وقال الترمذيّ: هذا حديث إسناده ليس بذاك، وأبو حمزة ميمون الأعور يُضعّف، ورَوَى بيانٌ، وإسماعيل بن سالم عن الشعبيّ هذا الحديث قولَهُ، وهذا أصحّ انتهى (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع

والمآب.

(المسألة الثالثة): اختُلِفَ في معنى "الكنز" في قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "يكون كنز أحدكم الخ"، وفي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا} الآية [التوبة: ٣٤]:

قال الحافظ أبو عمر ابن عبد البرّ -رحمه اللَّه تعالى-: ما معناه: اختلف في المراد بالكنز في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ}، وما في معناه، فالجمهور على أنه ما لم تؤدَّ زكاته، وعليه جماعة فقهاء الأمصار، ثم ذكر ذلك عن عمر،


(١) - راجع "مختصر الفتاوى المصريّة" ص ٢٤٧. وراجع "تيسير الفقه الجامع للاختيارات الفقهية" لشيخ الإسلام ابن تيمية، تأليف د/ أحمد موافي ج ١ ص ٤١٥.
(٢) - راجع "جامع الترمذيّ" ج ٣ ص ٣٢٦ - ٣٢٧. بنسخة "تحفة الأحوذيّ".