للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: ليس على جمل ظعينة (١)، ولا على ثور عامل صدقة. وعن الضحّاك قال: ليس على البقر العوامل، ولا على الإبل النواضح التي يُستقى عليها، وُيغزَى عليها في سبيل اللَّه صدقة. وعن ابن جريج، قال: قدت لعطاء: الحمولة، والمثيرة فيها صدقة؟ قال: لا (٢).

وقال الإمام ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى- في "المغني": ما معناه: لا زكاة في المعلوفة، والعوامل عند أكثر أهل العلم، وحكي عن مالك أن في الإبل النواضح، والمعلوفة الزكاةَ لعموم قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "في كلّ خمسٍ شاةٌ". قال أحمد: ليس في العوامل زكاة، وأهل المدينة يرون الزكاة، وليس عندهم في هذا أصل. ولنا قول النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "في كلّ سائمة، في كلّ أربعين بنت لبون" في حديث بهز بن حكيم، فيقيّده بالسائمة، فدلّ على أنه لا زكاة في غيرها، وحديثهم مطلقٌ، فيحمل على المقيّد، ولأن وصف النماء معتبر في الزكاة، والمعلوفة يَستغرق علفها نماءها، إلا أن يُعِدَّها للتجارة، فيكون فيها زكاة التجارة انتهى كلام ابن قدامة -رحمه اللَّه تعالى- (٣).

وقال الإمام النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- في "شرح المهذّب": السائمة إذا كانت عاملة، كالإبل التي يُحمل عليها، أو كانت نواضح، والبقر التي يُحرَث عليها، ففيها وجهان:

(الصحيح): -وبه قطع صاحب "المهذّب"، والجمهور- لا زكاة فيها، لأن العوامل والمعلوفة لا تُقتَنَى للنماء، فلم تجب فيها الزكاة، كثياب البدن، وأثاث الدار.

(والثاني): تجب فيها الزكاة، حكاه جماعات من الخراسانيين، وقطع به الشيخ أبو حامد في كتابه "المختصر"، لوجود السوم، وكونها عاملة زيادة انتفاع لا يمنع الزكاة، بل هي أولى بالوجوب. والمذهب الأول. واللَّه تعالى أعلم انتهى كلام النوويّ بتصرّف (٤).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما ذهب إليه الجمهور من عدم وجوب الزكاة في الرِّسل، والعوامل، والحوامل هو الأرجح؛ لأن هذه الأشياء ما استَغنَى عنها صاحبها، وقد ثبت عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه قال: "لا صدقة إلا عن ظهر غنى". رواه أحمد بإسناد صحيح، وعلّقه البخاريّ بصيغة الجزم. ولقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "فأخبرهم أن اللَّه افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، وتردّ على فقرائهم". متفق عليه. وروي: "ليس في العوامل


(١) - الجمل الذي يوضع عليه الهودج.
(٢) - راجع "مصنّف أبي بكر بن أبي شيبة" ج ٣ ص ١٣٠ - ١٣١.
(٣) - "المغني" ج ٤ ص ١٢.
(٤) - "المجموع" ج ٥ ص ٣٢٥.