للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يتبع أمّه، وإن كان له دون سنة. وقال الرافعيّ: وحكى جماعة أن التبيع له ستة أشهر، والمسنّة لها سنة. وهذا كله غلطٌ، ليس معدودًا من المذهب انتهى كلام النوويّ (١).

(أَوْ تَبِيعَةً) هي أنثى التَّبِيع (وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً) إعرابه كسابقه. يعني أنه أمره أن يأخذ من كلّ أربعين من البقر مسنّة، وهي من ولد البقر: ما استكملت السنتين، ودخلت في الثالثة.

وفيه دليل على أن المسنّ لا يجزىء، بخلاف التبيع، وهو الصحيح، وأما ما أخرجه الطبرانيّ عن ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -، مرفوعًا: "في كلّ ثلاثين تبيعٌ، أو تبيعة، وفي كلّ أربعين مسنّ، أو مسنّة". ففي إسناده ليث بن أبي سُليم، قال الهيثميّ: وهو ثقة، لكنّه مدلسٌ انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: بل هو متروك الحديث، قال في "التقريب": صدوق اختلط أخيرًا، ولم يتميّز حديثه، فتُرِك. انتهى.

فالحديث ضعيفٌ جدًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث معاذ - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح.

[فإن قلت]: كيف يصحّ، وفيه أن مسروقًا لم يلق معاذًا، فيكون منقطعًا؟.

[قلت]: إنما صحّ بشواهده، فإن له شواهد، من رواية إبراهيم النخعي، عن معاذ، وهي عند المصنّف، في هذا الباب، والدارميّ، والبيهقيّ. ومن رواية أبي وائل، عند المصنّف في هذا الباب أيضًا، وأحمدَ، وأبي داود. ومن رواية طاوس، عن معاذ، أخرجها مالك، في "الموطإ".

وصحح الحديث ابن حبّان، والحاكم، وأقرّه الذهبيّ، وحسّنه الترمذيّ.

وقال ابن عبد البرّ في "التمهيد"، و"الاستذكار": إسناده متّصلٌ، صحيح، ثابت. وكذا قال ابن بطّال، كما في "الفتح".

وأعلّه عبد الحقّ في "أحكامه"، فقال: مسروق لم يلق معاذًا. وقال الحافظ في "الفتح": في الحكم بصحّته نظر، لأن مسروقًا لم يلق معاذًا، وإنما حسّنه الترمذيّ لشواهده.


(١) - "المجموع" ج ٥ ص ٣٨٤ - ٣٨٥.