للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإذا كان معه مائة درهم، وعشرة دنانير، أو خمسون درهمًا، وخمسة عشر دينارًا ضمّ أحدهما إلى الآخر، ولو كان له مائة درهم، وخمسة دنانير، قيمتها مائة درهم، فلا ضمّ.

قال النوويّ: دليلنا قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة". انتهى كلام النوويّ (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يظهر لي أن مذهب القائلين بعدم الضمّ أرجح؛ لأن الورق في اللغة يُطلق على الدرهم فقط، ولا يطلق على الدينار، فالحديث المذكور يدلّ على أنه لا يجب فيما دون خمس أواق من الدراهم زكاة، فلو كان الضمّ معتبرًا لبيّنه - صلى اللَّه عليه وسلم -.

والحاصل أن الدراهم، والدنانير يعتبر تمام نصاب كلّ منهما بمفرده. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في ضبط: "الأواق"، ومعناها:

قال الإمام ابن الملقّن -رحمه اللَّه تعالى-: "الأواق" جمع أوقيّة -بتشديد الياء- ويقال في كلّ جمع إذا كان مفرده مشدّدًا -بتشديد الياء، وتخفيفها- كالأواقيّ، والبَخَاتيّ، والكَرَاسيّ، وما أشبه ذلك. قال ذلك ابن السّكِّيت، والجوهريّ. وقد ثبت في هذا الحديث في الجمع حذف الياء، فيصير في الجمع للأوقية ثلاث لغات: التشديد، والتخفيف، والحذف.

والأوقيّة بضمّ الهمزة. وأنكر جمهور أهل اللغة حذف الهمزة. وحكى اللحيانيّ جواز فتح الواو، وتشديد الياء، وجمعهما وَقَايَا، كضحيّة وضحايا. وفي "مجمع الغرائب": وزنها أُفعولة، والهمزة زائدة، ولكنها لما لزمت في الواحد، والجمع صارت كالأصل، وحقها أن تُذكر في فصل الواو والقاف. وقيل: اشتقاقها من الأوقة، وهو موضع منهبط، يجتمع فيه الماء. وقيل: هو من باب وقى يقي.

وأجمع العلماء، من المحدّثين، والفقهاء، واللغويين على أن المراد بالأوقيّة الشرعيّة أربعون درهما، وهي أوقيّة الحجاز.

قال القاضي عياض: ولا يصحّ أن تكون الأوقيّة، والدراهم مجهولة في زمنه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو يوجب الزكاة في أعداد منها، ويقع بها البياعات، والأنكحة، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، قال: وهذا يُبيّن أن قول من زعم أن الدراهم لم تكن معلومة إلى


(١) - "المجموع" ج ٥ ص ٥٠٤.