للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وعليها أسورة من ذهب، فقال لنا: "أتعطيان زكاته؟ "، قالت: فقلنا: لا، قال: "أما تخافان، أن يسوركما اللَّه، أسورة من نار، أديا زكاتهُ". وفي إسناده مقال.

وقد وردت أحاديث في الباب لكنها ضعاف، وفيما ذكرناه كفايةٌ.

وقد أجاب القائلون بعدم وجوب الزكاة في الحليّ عن هذه الأحاديث بأجوبة كلها مردودة:

(فمنها): أن هذه الأحاديث وردت حين كان التحلّي بالذهب حراما على النساء، فلما أبيح لهنّ سقطت منه الزكاة بالاستعمال، كما تسقط زكاة الماشية بالاستعمال. وهذا الجواب باطل. قال البيهقيّ في "المعرفة": كيف يصحّ هذا القول من حديث أم سلمة، وحديث فاطمة بنت قيس، وحديث أسماء بنت يزيد - رضي اللَّه عنهنّ -، وفيها التصريح بلبسه مع الأمر بالزكاة، وحديث عائشة - رضي اللَّه عنها - دخل عليّ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فرأى في يدي فَتَخَات من ورِقٍ … "، إن كان الورِق فيه محفوظًا انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: تقدّم أن حديثها المذكور صحيح. واللَّه تعالى أعلم.

(ومنها): أن الزكاة المذكورة في هذه الأحاديث إنما كانت للزيادة على قدر الحاجة، وهذا ادعاء محضٌ، لا دليل عليه، بل في بعض الروايات ما يردّه. قال الزيلعيّ بعد ذكر حديث عمرو بن شعيب المذكور في الباب من رواية أحمد، وابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، بلفظ: "فأدّيا زكاة هذا الذي في أيديكما": ما نصّه: وهذا اللفظ يدفع تأويل من يحمله على أن الزكاة المذكورة فيه شُرعت للزيادة فيه على قدر الحاجة انتهى (١).

(ومنها): أن المراد بالزكاة في هذه الأحاديث التطوّع، أو المراد بالزكاة العارية. قال القاري: وهما في غاية البعد، إذ لا وعيد في ترك التطوّع، والإعارة، مع أنه لا يصحّ إطلاق الزكاة على العارية، لا حقيقةً، ولا مجازًا انتهى (٢).

والحاصل أن الراجح قول من قال بوجوب زكاة الحليّ، للأدلّة التي ذكرناها. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٤٨٠ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ, قَالَ: سَمِعْتُ حُسَيْنًا, قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ, قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ, وَمَعَهَا بِنْتٌ لَهَا, إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ, نَحْوَهُ مُرْسَلٌ).

قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: خَالِدٌ أَثْبَتُ مِنَ الْمُعْتَمِرِ.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "مُحَمَّدُ بْنُ عَبدِ الْأَعْلَى": هو الصنعاني البصري، ثقة


(١) - "نصب الراية" ج ٢ ص ٣٧٤.
(٢) - راجع "المرعاة" ج ٦ ص ١٦٥ - ١٦٩.