فاعتراض الشيخ الألباني على صاحب "التنقيح" وتعقّبه، بأن الوجادة حجة على الراجح فيه نظر؛ لأنها وإن كانت حجة للعمل بها إذا صحّت النسخة، لكن الرواية بها منقطعة، كما حرره علماء أصول الحديث، ودونك ما قاله صاحب "التقريب" مع شرحه "التدريب" جـ ٢ ص ٦٣: وهي -يعني الوجادة- أن يَقِف على أحاديث بخطّ راويها غير المعاصر له، أو المعاصر، ولم يسمع منه، أو سمع منه ولكن لا يروي تلك الأحاديث
الخاصّة عنه بسماع، ولا إجازة، فله أن يقول: وجدت بخط فلان، أو في كتابه .... إلى أن قال: وهو من باب المنقطع. فقد صرّح بأن الوجادة منقطعة.
والحاصل أن تقوية الحديث بهذه الوجادة حتى يكون متّصلاً غير صحيح. واللَّه تعالى أعلم.
(ومنها): ما روى الدارقطنيّ (٢/ ٩٧) والحاكم (١/ ٤٠١) والبيهقيّ (٤/ ١٢٩) والطبرانيّّ من طريق إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عمّه موسى بن طلحة، عن معاذ أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال:"فيما سقت السماء، والْبَعْل، والسيل العشرُ، وفيما سُقي بالنضح نصفُ العشر، وإنما يكون ذلك في التمر، والحنطة، والحبوب، فأما القثّاء، والبطّيخ، والرمّان، والقصب، فقد عفا عنه رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -". قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، لم يُخرجاه، ووافقه الذهبيّ.
قلت: هذا التصحيح منهما غير صحيح، فإن إسحاق بن يحيى متروك، تركه أحمد، والنسائيّ، وقال ابن معين: لا يُكتب حديثه،. وقال البخاريّ: يتكلّمون في حفظه.
وقال يحيى بن سعيد القطّان: شبه لا شيء. وقال أبو زرعة: واهي الحديث (١). وفيه أيضًا الانقطاع المذكور بين موسى ومعاذ بن جبل.
(ومنها): ما روى الدارقطنيّ (٢/ ٩٦) وأبو يوسف في "الخراج"(ص ٦٥) من طريق محمد بن عبيد اللَّه العرزميّ، عن الحكم، عن موسى بن طلحة، عن عمر بن الخطّاب، قال: إنما سنّ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - الزكاة في الأربعة: الحنطة، والشعير، والزبيب، والتمر. وفيه أن العرزميّ متروك أيضًا، وفيه أيضًا الانقطاع المتقدّم.
(ومنها): ما روى ابن ماجه رقم (١٨١٥) من طريق العزرميّ، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، قال: إنما سنّ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - الزكاة في هذه الخمسة: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، والذرة". والعرزميّ هو محمد بن عبيد اللَّه المتروك المتقدّم.
(١) - انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" ج ١ ص ١٢٩ - ١٣٠.