للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واحتجّ الجمهور بقوله تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: ٢٦٧]، وقول النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "فيما سقت السماء العشر … " الحديث، متّفق عليه، وغيرها من عمومات الأخبار.

قال ابن الجوزيّ في "التحقيق" بعد ذكر هذا الخبر: هذا عامّ في الأرض الخراجيّة وغيرها. وقال ابن المبارك: يقول اللَّه تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}، ثم يقول: نترك القرآن لقول أبي حنيفة.

واستدلّ الشيخ ابن دقيق العيد في الإمام" للجمهور بما روى يحيى بن آدم في "الخراج" (ص ١٦٥) والبيهقيّ من طريقه (٤/ ١٣١) عن سفيان بن سعيد، عن عمرو بن ميمون بن مِهْرَان، قال: سألت عمر بن عبد العزيز عن مسلم يكون في يده أرض خراج، فَيُسألُ الزكاة، فيقول: عليّ الخراجُ؟ قال: فقال: الخراج على الأرض، وفي الحبّ الزكاة، قال: ثمّ سألته مرّة أخرى، فقال: مثل ذلك. ورواه أبو عبيد في "الأموال" (ص ٨٨) عن قبيصة، عن سفيان. قال الحافظ في "الدراية" (ص ٢٦٨):

وصحّ عن عمر بن عبدالعزيز أنه قال لمن قال: إنما عليّ الخراجُ: الخراج على الأرض، والعشر على الحبّ. أخرجه البيهقيّ من طريق يحيى بن آدم. وأخرج أيضًا عن يحيى، ثنا ابن المبارك، عن يونس -وفي "الخراج" ليحيى (ص ١٦٦) "عن معمر" مكان "عن يونس"- قال: سألت الزهريّ عن زكاة الأرض التي عليها الجزية؟ فقال: لم يزل المسدمون على عهد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وبعده يُعاملون على الأرض، ويستكرونها، ويؤدّون الزكاة مما خرج منها، فنرى هذه الأرض على نحو ذلك انتهى. وهذا فيه إرسال.

وروى يحيى بن آدم في "الخراج" (ص ١٦٥)، وأبو عبيد في "الأموال" (ص ٨٨) عن إبراهيم ابن أبي عَبْلَة، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد اللَّه بن أبي عوف، عاملِهِ على فلسطين، فيمن كانت في يده أرض يحرثها من المسلمين أن يقبض منها جزيتها، ثم يأخذ منها زكاة ما بقي بعد الجزية، قال ابن أبي عبلة: أنا ابتليت بذلك، ومنّي أخذوا الجزية -يعني خراج الأرض-.

واستدلّ الحنفيّة بما رواه ابن عديّ في "الكامل"، والبيهقيّ من طريقه عن يحيى بن عنبسة، ثنا أبو حنيفة، عن حمّاد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه عنه -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا يجتمع عشر وخراج في أرض مسلم".

وبأن أحدًا من أئمّة العدل وولاة الْجَوْر لم يأخذ من أرض السواد عشرًا إلى يومنا هذا، فالقول بوجوب العشر فيها يخالف الإجماع، فيكون باطلاً. قال صاحب "الهداية":