للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لم يجمع أحدٌ من أئمة العدل والجور بينهما، وكفى بإجماعهم حجة. انتهى.

وأجيب عن الحديث بأنه باطلٌ، لا أصل له. قال البيهقيّ: هذا حديثٌ باطلٌ وَصْلُه، ورَفْعُه، ويحيى بن عنبسة متّهمٌ بالوضع، وقال ابن عديّ: يحيى بن عنبسة منكر الحديث، وإنما يُروَى هذا من قول إبراهيم. وقد رواه أبو حنيفة، عن حمّاد، عن إبراهيم قولَهُ، فجاء يحيى بن عبسة، فأبطل فيه، ووصله إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، ويحيى مكشوف الأمر في ضعفه؛ لروايته عن الثقات الموضوعات انتهى. وقال ابن حبّان: ليس هذا من كلام النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، ويحيى بن عنبسة دجّالٌ يضع الحديث، لا تحلّ الرواية عنه. وقال الدارقطنيّ: يحيى هذا دجّال يضع الحديث، وهو كذب على أبي حنيفة، ومن بعده إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -. وذكره ابن الجوزيّ في "الموضوعات". كذا في "نصب الراية" ج ٣/ ص ٤٤٢.

وأجيب عن دعوى الإجماع بأنها باطلة جدًّا. قال الحافظ في "الدراية" رادًّا على صاحب "الهداية": ولا إجماعَ مع خلاف عمر بن عبد العزيز، والزهريّ، بل لم يثبت عن غيرهما التصريح بخلافهما انتهى. وقال أبو عبيد في "الأموال" (ص ٩٠): لا نعلم أحدًا من الصحابة قال: لا يجتمع عليه العشر والخراج، ولا نعلمه من التابعين إلا شيء يُروى عن عكرمة، رواه عنه رجل من أهل خراسان، يُكنى أبا المنيب، سمعه يقول ذلك انتهى.

وقال صاحب "المرعاة" (٦/ ٧٩) بعد ذكر ما تقدّم: وقد ظهر بما ذكرنا أنه لم يقم دليل صحيح، أو سقيم على أن الخراج والعشر لا يجتمعان على مسلم، بل الآية المذكورة، وحديث: "فيما سقت السماء العشر"، وما في معناه يدلّان بعمومهما على الجمع بينهما، وأثر عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد، وأثر الزهريّ يدلّان على أن العمل كان ذلك في عهد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - وبعده، فالحقّ، والصواب في ذلك ما ذهب إليه الجمهور انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما قاله صاحب "المرعاة" -رحمه اللَّه تعالى- حسنٌ جدًا. واللَّه تعالِى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٤٨٩ - (أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ سَوَّادِ (١) بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ عَمْرٍو, وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو (٢) , وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ, قِرَاءَةً عَلَيْهِ, وَأَنَا أَسْمَعُ, عَنِ ابْنِ وَهْبٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ, أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ, حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ, يَقُولُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ:


(١) - بتشديد الواو.
(٢) - هو ابن السرح المصريّ.