(عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ) الأشجعيّ، - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي من بيته إلى المسجد. ولفظ أبي داود:"دخل علينا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - المسجد … "(وَبيَدِهِ عَصًا) جملة اسمية في محلّ نصب على الحال من الفاعل (وَقَدْ عَلَّقَ رَجُلٌ) جملة فعليةَ في محلّ نصب على الحال أيضًا عطف على الحال الأولى (قِنْوَ حَشَفٍ) بالنصب مفعول "علّق"، والإضافة بمعنى "من". وفي نسخة: قَناَ حَشَفٍ" بالإضافة أيضا. ولفظ أبي داود: وقد علّق رجلٌ منّا قنًا حَشَفًا".
وقال في "المصباح": و"القِنْو" -بالكسر- وزان حِمْل: الْكِبَاسَة (١)، هذه لغة الحجاز، وبالضمّ في لغة قيس، والجمع قِنْوَان -بالكسر، فيمن كَسَرَ الواحد، وبالضمّ، فيمن ضمّ الواحد، ومثله فى الجمع صِنْوَانٌ جمع صِنْوٍ، وهو فَرْخُ الشّجَرة، ورِئْدٌ ورِئْدَان، وهو التِّرْبُ، وحُشٌّ، وحُشّان، ولفظ المثنّى في الرفع، والوقف كلفظ المجموع في الوقف انتهى.
و"الْحَشَفُ" -بفتح الحاء المهملة، والشين المعجمة-: أردءُ التمر، وهو الذي يَجِفُّ من غير نُضْجٍ، ولا إدراكٍ، فلا يكون له لحم، الواحدة حَشَفَة، وأحشفت النخلة بالألف: صارَت ذات حَشَفٍ. قاله في "المصباح".
وإنما علّق الرجل ذلك الحَشَفَ المذكور؛ لأنهم كانوا يعلّقون القِنْوَ في المسجد؛ ليأكل منه من يحتاج إليه، من فقراء المهاجرين، كما تقدّم في حديث البراء بن عازب - رضي اللَّه عنهما -.
(فَجَعَلَ يَطْعَنُ) قال في "القاموس": طَعَنَه بالرمح، كمنعَهُ، ونَصَرَه طَعْنًا: ضربه، ووَخَزَه، فهو مطعونٌ، وطَعِينٌ انتهى (فِي ذَلِكَ الْقِنْوِ) يعني أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - شَرَعَ يطعُن بعصاه في ذلك القنو المعلّق؛ إشارةً إلى حَقَارة ذلك القنو المعلّق، وأنّ صاحبه لم يؤدّ ما طُلِب منه على الوجه الأكمل (فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (لَوْ شَاءَ رَبُّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ، تَصَدَّقَ بِأَطْيَبَ مِنْ هَذَا) يعني لو كان صاحب هذه الصدقة مريدًا من اللَّه تعالى الثواب العظيم الذي وعده اللَّه تعالى لمن تصدّق لتصدّق بغير هذا الْحَشَف، من أطيب ما لديه من خيار المال (إِنَّ رَبَّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ، يَأْكُلُ حَشَفًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ") يعني يُجازى على فعله السيّء هذا، بأن يكون أكله