للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبد اللَّه بن عمرو بن العاص - رضي اللَّه عنهما -، أنه (قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، عَنِ اللُّقَطَةِ؟) أي عن حكم الشيء الذي يُلْتَقَط. قال الفيّوميّ -رحمه اللَّه تعالى-: لَقَطْتُ الشيءَ لَقْطًا، من باب قَتَلَ: أخذته، وأصله الأخذ من حيث لا يُحسّ، فهو مَلْقُوطٌ، ولَقِيطٌ، فَعِيلٌ بمعنى مفعولٍ، والتقطته كذلك، ومن هنا قيل: لقطتُ أصابعه: إذا أخذتها بالقطع، دون الكفّ، والتقطت الشيءَ: جمعتُهُ، ولَقَطتُ العلمَ من الكُتُب لَقْطًا: أخذتُهُ من هذا الكتاب، ومن هذا الكتاب، وقد غلب اللقيط على المولود المنبوذ، واللُّقَاطة - بالضمّ-: ما التقطتَ من مال ضائع، واللُّقَاط بحذف الهاء، واللُّقَطةُ وزان رُطبة كذلك. قال الأزهريّ: اللُّقَطَةُ -بفتح القاف-: اسم الشيء الذي تجَده مُلْقًى، فتأخذه. قال: وهذا قول جميع أهل اللغة، وحُذّاق النحويين. وقال الليث: هي بالسكون، ولم أسمعه لغيره. واقتصر ابن فارسٍ، والفارابيّ، وجماعةٌ على الفتح، ومنهم من يَعُدّ السكون من لَحْن العوامّ.

ووجه ذلك أن الأصل لُقَاطةٌ، فثقُلَت عليهم؛ لكثرة ما يلتقطون في النهب، والغارات، وغير ذلك، فتلعّبت بها ألسنتهم؛ اهتمامًا بالتخفيف، فحذفوا الهاء مرّةً، وقالوا: "لُقَاط"، والألفَ أُخرى، وقالوا: "لُقَطَة"، فلو أُسكن اجتمع على الكلمة إعلالان، وهو مفقود في فصيح الكلام، وهذا، وإن لم يذكروه، فإنه لا خفاء به عند التأمّل؛ لأنهم فسَّروا الثلاثة بتفسير واحد. انتهى كلام الفيّوميّ (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: فظهر بما تقدّم أن "الُّلقَطَةَ" بفتح القاف أفصح من سكونها، بل جعله بعضهم من لحن العوامّ. واللَّه تعالى أعلم.

وهذا الحديث مختصرٌ، وقد ساقه أبو داود في "سننه" مطوّلاً، فقال:

١٧١٠ - حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، عن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، أنه سئل عن الثمر المعلق؟، فقال: "من أصاب بفيه، من ذي حاجة، غير متخذ خُبْنَة، فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه، فعليه غرامة مثليه، والعقوبة، ومن سرق منه شيئا، بعد أن يُؤويه الْجَرِين، فبلغ ثمن الْمِجَنِّ، فعليه القطع، وذكر في ضالة الإبل والغنم، كما ذكره غيره، قال: وسئل عن اللقطة؟، فقال: "ما كان منها في طريق الْمِيتَاء، أو القرية الجامعة، فعَرِّفها سنة، فإن جاء طالبها، فادفعها إليه، وإن لم يأت، فهي لك، وما كان في الخراب -يعني ففيها، وفي الركاز الخمس". انتهى.


(١) - "المصباح المنير".