للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فليست شاذّة، بل هي زيادة صحيحة، يجب قبولها، والعمل بها.

قال الخطّابيّ -رحمه اللَّه تعالى-: إن صحّت هذه اللفظة لم يجز مخالفتها، وهي فائدةُ قولِهِ: "اعرف عفاصها الخ"، وإلا فالاحتياط مع من لم ير الرّدّ إلا بالبيّنة. قال: وُيتَأوّل قوله: "اعرف عفاصها" على أنه أمره بذلك لئلا تختلط بماله. أو لتكون الدعوى فيها معلومة.

قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: قد صحّت هذه الزيادة، فتعيّن المصير إليها. قال: وما اعتلّ به بعضهم من أنه إذا وصفها، فأصاب، فدفعها إليه، فجاء شخصٌ آخر، فوصفها، فأصاب، لا يقتضي الطعن في الزيادة، فإنه يصير الحكم حينئذ كما لو دفعها إليه بالبيّنة، فجاء آخر، فأقام بيّنة أخرى أنها له، وفي ذلك تفاصيل للمالكيّة وغيرهم.

وقال بعض متأخري الشافعيّة: يمكن أن يحمل وجوب الدفع لمن أصاب الوصف على ما إذا كان ذلك قبل التملّك؛ لأنه حينئذ مال ضائعٌ، لم يتعلّق به حقّ ثان، بخلاف ما بعد التملّك، فإنه حينئذ يحتاج المدّعي إلى البيّنة؛ لعموم قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "البيّنة على المدّعِي". ثم قال: أما إذا صحّت الزيادة فَتُخَصُّ صورة الملتقط من عموم "البيّنة على المدّعِي". انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد عرفت أن هذه الزياة قد صحت، فالحقّ وجوب الدفع لمن أصاب وصفها بدون بيّنة، مطلقًا، سواء كان بعد التملّك، أو قبلها. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): معنى قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "فهي لك" أن اللقطة للملتقط بعد تعريفها سنةٌ، وهل يملك التصرّف فقط، أو تكون ملكا له كسائر أمواله، بحيث إنه إن جاء صاحبها لا يُضَمِّنُهُ، قولان:

والأول قول الجمهور، وهو الحقّ، لصحّة قوله - صلى اللَّه عليه وسلم - بعد أمره بالاستنفاق بها: "فإن جاء صاحبها، فأدِّها إليه".

قال في "الفتح": واختلف العلماء فيما إذا تصرّف في اللقطة بعد تعريفها سنة، ثم جاء صاحبها، هل يضمنها، أم لا؟:

فالجمهور على وجوب الرّدّ، إن كانت العين موجودة، أو البدلِ، إن كانت استُهلِكت.

وخالف في ذلك الكرابيسيّ، صاحب الشافعيّ، ووافقه صاحباه البخاريّ، وداود بن


(١) - راجع "الفتح" ج ٥ ص ٣٦٢ "كتاب اللقطة".