للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اشتمال، والخبر قوله: "جُبَار"، والكلام جملة واحدة، والمصدر في قوله: "جَرْجها" مضاف للفاعل، أي كون العجماء تجرح غير مضمون انتهى (١).

(جُبَارٌ) -بضمّ الجيم، وتخفيف الموحّدة- هو الْهَدَرُ الذي لا شيء فيه. كذا أسنده ابن وهب، عن ابن شهاب، وعن مالك: ما لا دية فيه. أخرجه، الترمذيّ.

وأصله أن العرب تُسَمِّي السيلَ جُبَارًا، أي لا شيء فيه. وقال الترمذيّ: فسر بعض أهل العلم، قالوا: العجماء الدّابّة المنفلتة من صاحبها، فما أصابت من انفلاتها، فلا غُرم على صاحبها.

وقال أبو داود بعد تخريجه: العجماءُ التي تكون منفلتة، لا يكون معها أحد، وقد تكون بالنهار، ولا تكون بالليل. ووقع عند ابن ماجه في آخر حديث عبادة بن الصامت - رضي اللَّه عنه -: "والعجماء: البهيمة من الأنعام وغيرها، والْجُبَار: هو الهدر الذي لا يُغرَم". كذا وقع التفسير مدرجًا، وكأنه من رواية موسى بن عُقبة.

قال الحافظ العراقيّ -رحمه اللَّه تعالى- في "شرح الترمذيّ": وليس ذكر الجرح قيدًا، وإنما المراد به إتلافها بأيّ وجه، سواء كان بجرح، أو غيره.

وفي رواية البخاريّ من طريق محمد بن زياد، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "العجماء عَقْلُها جُبار … " الحديث. والمراد بالعقل الدية، أي لا دية فيما تُتْلِفُه (٢).

وذكر ابن العربيّ أن بناء (ج ب ر) للرفع، والإهدار، من باب السلب، وهو كثير في العربية، يأتي اسم الفعل، والفاعل لسلب معناه، كما يأتي لإثبات معناه.

وتعقّبه الحافظ العراقيّ في "شرح الترمذيّ" بأنه لا حاجة لجعله من السلب، بل هو للرفع على بابه؛ لأن إتلافات الآدميّين مضمونة مقهور مُتْلِفُها على ضمانها، وهذا إتلاف قد ارتفع عن أن يؤخذ به أحد انتهى (٣).

(وَالْبئْرُ جُبَارٌ) في رواية الأسود بن العلاء عند مسلم: "والبئر جَرحها جُبار". أما البئر فهي بكَسر الموحّدة، ثم ياء ساكنة، مهموزة، ويجوز تسهيلها، وهي مؤنّثة، وقد تذكّر على معنى القَلِيب، والطُّوَى، والجمع أَبْؤُر، وآبار بالمدّ، والتخفيف، بهمزتين بينهما موحّدة ساكنة.

قال أبو عُبيد: المراد بالبئر هنا العاديّة القديمة التي لا يُعلَم لها مالك، تكون في


(١) - "طرح التثريب" ج ٤ ص ١٧.
(٢) - "فتح" ج ١٢ ص ٢٦٩.
(٣) - راجع "طرح التثريب" ج ٤ ص ١٧.