للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحمد تضعيفه. وذكر الترمذيّ أنه سأل البخاريّ عنه؟ فقال: هو عن نافع، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، مرسل.

(ومنها): ما أخرجه ابن ماجه، والبيهقيّ من حديث سليمان بن موسى، عن أبي سيّارة الْمُتَعِيّ، قال: قلت: يا رسول اللَّه، إن لي نَحْلاً، قال: "أدّ العشور"، قال: قلت: يا رسول اللَّه، احمها لي، فحماها لي. وهو منقطع؛ قال البخاريّ: لم يدرك سليمان أحدًا من الصحابة، وليس في زكاة العسل شيء يصحّ. وقال أبو عمر: لا يقوم بهذا حجة.

(ومنها): ما أخرجه البيهقيّ من حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، قال: "كتب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - إلى أهل اليمن أن يؤخذ من العسل العشر". وفي إسناده عبد اللَّه بن مُحَرَّر، وهو متروك.

(ومنها): ما رواه البيهقيّ أيضًا من حديث سعد بن أبي ذُبَاب: "أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - استعمله على قومه، وقال لهم: "أدّوا العشر في العسل"، وأتى به عمر، فقبضه، فباعه، ثم جعده في صدقات المسلمين". وفي إسناده مُنير بن عبد اللَّه، ضعّفه البخاريّ، والأزديّ، وغيرهما.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تبيّن بهذا أن ما احتجّ به الموجبون لزكاة العسل معظمها ضعاف، لا تصلح للاحتجاج بها، وما صحّ منها، كحديث الباب ليس صريحًا في الإيجاب، بل هو ظاهر في كونه مقابلا لحماية واديه، فالصواب عندي مذهب من قال بعدم وجوب الزكاة فيه؛ لعدم ثبوت أدلّة الوجوب، كما عرفت. قال الزعفرانيّ، عن الشافعيّ: الحديث "في العسل العشر" ضعيف، واختياري أنه لا يؤخذ منه. وقال البخاريّ: لا يصحّ فيه شيء. وقال ابن المنذر: ليس فيه شيء ثابت.

ويؤيّد ذلك حديث معاذ - رضي اللَّه عنه - أنه لم يأخذ زكاة العسل، وقال: لم يأمرني رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - فيه بشيء. رواه أبو داود في "المراسيل"، والحميديّ في "مسنده"، وابن أبي شيبة، والبيهقي من طريق طاوس عنه.

وهذا وإن كان مرسلاً؛ لأن طاوسًا لم يلق معاذًا، إلا أنه قويٌّ؛ لأنه كان عارفًا بقضايا معاذ - رضي اللَّه عنه -، كما قال البيهقيّ (١).

والحاصل أن عدم وجوب الزكاة في العسل هو الأرجح. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) - انظر "التلخيص الحبير" ج ٢ ص ٣٢٤.