للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثاني بما تقدّم أن عمر - رضي اللَّه عنه - بعد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -.

وقال في موضع آخر: والأرجح عند الشافعيّة أن الحمى يختصّ بالخليفة، ومنهم من ألحق به وُلاة الأقاليم. ومحلّ الجواز مطلقًا أن لا يضرّ بكافّة المسلمين. قال: وقال الْجُوريّ (١) من الشافعيّة: ليس بين الحديثين معارضة، فالحمى المنهيّ ما يُحمَى من الموات الكثير العُشب لنفسه خاصّة، كفعل الجاهليّة. والمباح ما لا منفعة للمسلمين فيه شاملة، فافترقا.

وإنما تُعدّ أرض الحمى مواتًا لكونها لم يتقدّم فيها ملك لأحد، لكنها تشبه العامر؛ لما فيها من المنفعة العامّة انتهى. (٢) واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم زكاة العسل:

ذهب مالك، والشافعيّ، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وابن المنذر إلى أنه لا زكاة في العسل.

قال ابن المنذر: ليس في وجوب الصدقة في العسل خبر يثبت، ولا إجماع، فلا زكاة فيه.

وذهب أحمد إلى أن في العسل العشرَ. وُيروى ذلك عن عمر بن عبد العزيز، ومكحول، والزهريّ، وسليمان بن موسى، والأوزاعيّ، وإسحاق.

وذهب أبو حنيفة إلى أن العسل إن كان في أرض العشر، ففيه الزكاة، وإلا فلا زكاة فيه، وهذ ابن اء على مذهبه في أن العشر والخراج لا يجتمعان، وقد تقدّم الردّ عليه في ذلك.

احتجّ الموجبون بأحاديث كثيرة:

(فمنها): حديث الباب، وهو صحيح، لكنّه ليس نصًّا، في وجوب الزكاة، بل هو ظاهر في كونه مقابلاً بحماية الوادي الذي طلب أن يُحمَى له.

(ومنها): ما رواه الترمذيّ في حديث ابن عمر - رضي اللَّه عنهما -: أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال في العسل: "في كلّ عشرة أزقاق زِقٌّ". وفي إسناده صدقة السمين، وهو ضعيف الحفظ، وقد خولف، وقال النسائيّ: هذا حديث منكر. ورواه البيهقيّ، وقال: تفرّد به صدقة، وهو ضعيف، وقد تابعه طلحة بن زيد، عن موسى بن يسار. ذكره المروزيّ، ونقل عن


(١) -بضم الجيم آخره راء: نسبة إلى بلد بفارس، ومحلّة بنيسابور. أفاده في "اللباب" ج ١ ص ٣٠٧ - ٣٠٨.
(٢) - "فتح" باختصار ج ٥ ص ٣٢٠.