للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال السنديّ في "شرحه": قوله: "وإلا فإنما هو ذباب غيث" أي وإلا فلا يلزم عليك حفظه؛ لأن الذباب غير مملوك، فيحلّ لمن يأخذه. وعُلِم أن الزكاة فيه غير واجبة على وجه يُجبر صاحبه على الدفع، لكن لا يلزم الإمام حمايته إلا بأداء الزكاة انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عبد اللَّه بن عمرو - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا صحيح.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-٢٩/ ٢٤٩٩ - وفي "الكبرى" ٣١/ ٢٢٧٨. وأخرجه (د) في "الزكاة" ١٦٠٠. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): مشروعية الزكاة في العسل، كما هو ظاهر ترجمة المصنّف، وظاهر سياق الحديث يدلّ على أن عشر العسل مقابَلٌ بحماية واديه، لا أنه زكاة تؤخذ كسائر الزكوات، وسيأتي بيان الخلاف بين الأئمة في المسألة التالية، إن شاء اللَّه تعالى (ومنها): جواز أكل العسل، وأنه من الأشياء المباحة (ومنها): أن مِنْ أَدَبِ الوالي أن لا يعمل شيئًا حتى يستأذن الخليفة، أو الأمير الذي فوقه (ومنها): أن النحل لمن سبقت يده إليه؛ لأنه من الأشياء المباحة.

(ومنها): مشروعيّة الحمى إذا رأى الإمام المصلحة في ذلك. وقد أخرج البخاري -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه" عن ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -، أن الصَّعْبَ بن جَثّامة - رضي اللَّه عنه - قال: إنّ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "لا حِمَى إلا للَّه، ولرسوله"، وقال: بلغنا أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - حَمَى النَّقِيع، وأن عمر - رضي اللَّه عنه - حَمَى الشَّرَف، والرَّبّذَةَ. انتهى.

قال في "الفتح": قال الشافعيّ: يحتمل معنى الحديث شيئن: أحدهما ليس لأحد أن يحمي للمسلمين إلا ما حماه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. والآخر معناه إلا على مثل ما حماه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فعلى الأول ليس لأحد من الولاة بعده أن يحمي. وعلى الثاني يختصّ الحمى بمن قام مقام رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو الخليفة خاصّة. وأخذ أصحاب الشافعيّ من هذا أن له في المسألة قولين، والراجح عندهم الثاني، والأول أقرب إلى ظاهر اللفظ، لكن رجحوا


(١) - "شرح السنديّ" ج ٥ ص ٤٦ - ٤٧.