لإعساره، وكذا الابن الصغير، إذا كان كذلك في الأصحّ.
وحكوا عن سعيد بن المسيّب، والحسن البصريّ أنها لا تجب إلا على من صلّى، وصام. وعن عليّ بن أبي طالب - رضي اللَّه عنه - أنها لا تجب إلا على من أطاق الصوم والصلاة.
قال الماورديّ: وبمذهبنا قال سائر الصحابة، والتابعين، وجميع الفقهاء انتهى. ذكره وليّ الدين (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحكاية المذكورة عن عليّ، وابن المسيّب، والحسن ما أظنها تصحّ، وإن صحّت فلا يُلتفت إليها؛ حيث إنها تصادم صريح النصّ عن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، بقوله:"على الكبير والصغير" من غير فرق بين من أطاق الصوم والصلاة، ومن لم يطق. واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه]: من أغرب ما ذكره ابن حزم في هذه المسألة أنه قال: تجب زكاة الفطر على الجنين، مستدلاً بذكر الصغير في هذا الحديث، وقال: الجنين يقع عليه اسم صغير، ثم استدلّ بحديث ابن مسعود - رضي اللَّه عنه - في "الصحيحين": يُجمَع خلق أحكم في بطن أربعين يومًا، ثم يكون عَلَقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث اللَّه إليه ملكًا …
وفيه:"ثم ينفخ فيه الروح" … الحديث". ثم قال: هو قبل ما ذكرنا موات، فلا حكم على ميت، وأما إذا كان حيًّا، فكلّ حكم وجب على الصغير، فهو واجب عليه، ثم ذكر من رواية بكر بن عبد اللَّه المزنيّ، وقتادة أن عثمان - رضي اللَّه عنه - كان يُعطي صدقة الفطر عن الصغير، والكبير، حتى عن الحمل في بطن أُمّه. وعن أبي قلابة، قال: كان يعجبهم أن يُعطوا زكاة الفطر عن الصغير، والكبير، حتى عن الحمل في بطن أمّه. قال: وأبو قلابة أدرك الصحابة، وصحبهم، ورَوَى عنهم. وعن سليمان بن يسار أنه سئل عن الحمل، أيُزكَّى عنه؟ قال: نعم. قال: ولا يُعرف لعثمان في هذا مخالف من الصحابة انتهى.
فتعقّبه الحافظ العراقيّ -رحمه اللَّه تعالى- في "شرح الترمذيّ" -وأصاب في ذلك- فقال: إنّ استدلاله بما استدلّ به على وجوب زكاة الفطر على الجنين في بطن أُمّه في غاية العجب:
أما قوله: "على الصغير، والكبير"، فلا يَفهَم عاقلٌ منه إلا الموجودين في الدنيا، أما المعدوم، فلا نعلم أحدًا أوجب عليه.
وأما حديث ابن مسعود، فلا يَطّلع على ما في الرحم إلا اللَّه، كما قال:{وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ}[لقمان: ٣٤]، وربما يُظنّ حملها، وليس يحمل، وقد قال إمام