للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مدلّس. واللَّه تعالى أعلم.

قال: والقول بأن حديث الباب يدلّ على أنهم كانوا يُعطون من البرّ صاعًا، لكن على سبيل التبرّع -يعني أن أبا سعيد، وغيره من الصحابة إنما كانوا يخرجون النصف الآخر تطوّعًا، واختيارًا، وفضلًا، تأويلٌ بعيد، لا يخفى تكلّفه.

وأما ما يُذكر من الأحاديث المرفوعة في الصالح من القمح، أو في نصفه، فكلّها مدخولة.

قال البيهقيّ جـ٤ ص ١٧٠ بعد إيراد أحاديث نصف الصالح من القمح: وقد وردت أخبار عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في صاع من برّ، ووردت أخبار في نصف صاع، ولا يصحّ شيء من ذلك، قد بيّنت علّة كلّ واحد منها في "الخلافيّات" انتهى كلام صاحب "المرعاة" -رحمه اللَّه تعالى- باختصار (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما ذكره صاحب "المرعاة" -رحمه اللَّه تعالى- كلام نفيسٌ جدًّا، وقد اتّضح بهذا كله أن الصواب كون الطعام في قوله: "صاعًا من طعام" مجملًا، والمعطوفات عليه تفصيلٌ له، وتوضيح للمراد منه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في النوع الذي يُجزىء في صدقة الفطر: ذهب الشافعيّة إلى أن جنس الفطرة كلّ ما يجب فيه العشر. وعن الشافعيّ قولٌ قديم أنه لا يجزئ فيها الحمّص، والعدَسُ، والمذهب المشهور الأول، والصحيح عندهم إجزاء الأقط أيضًا؛ لصحّة الحديث به، قال وليّ الدين: فإن جوّزناه فالأصحّ أن اللبن، والجبن الذي ليس منزوع الزّبد في معناه، والخلاف في إخراج مَنْ قوته الأقط، واللبن، والجبن، ولا يجزئ الدقيق، ولا السويق، ولا الخبز، كما لا تُجزىء القيمة. وقال الأنماطيّ: يجزئ الدقيق، قال ابن عبدان: يقتضي قوله إجزاء السويق، والخبز، وصححه.

وفي الواجب من الأجناس المجزئة ثلاثة أوجه لأصحاب الشافعيّ: أصحها عند الجمهور غالب قوت البلد. والثاني: قوت نفسه، وصححه ابن عبدان. والثالث: يتخيّر بين الأجناس، وهو الأصحّ عند القاضي أبي الطيب. ثم إذا كان الواجب قوت نفسه، أو البلد، فعدل إلى ما هو دونه لم يجز، وإن عدل إلى أعلى منه جاز. وفيما يعتبر به الأعلى والأدنى وجهان: أصحّهما الاعتبار بزيادة صلاحية الاقتيات. والثاني بالقيمة.


(١) - انظر "المرعاة" ج ٦ ص ١٩٤ - ١٩٦.