(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٤٤/ ٢٥١٩ - وفي "الكبرى" ٤٦/ ٢٢٩٨ - وأخرجه (خ) في "كتاب كفّارات الأيمان" ٦٧١٢ وفي "كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة" ٧٣٣٠. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في مقدار الصاع:
ذهب مالك، والشافعيّ، وأحمد، وعلماء الحجاز إلى أنه خمسة أرطال، وثلث بالرطل البغداديّ.
وذهب أبو حنيفة، وصاحبه محمد بن الحسن إلى أنه ثمانية أرطال بالرطل المذكور.
وكان أبو يوسف يقول كقولهما، ثم رجع إلى قول مالك، والجمهور لَمّا تناظر مع مالك بالمدينة، فأراه الصيعان التي توارثها أهل المدينة عن أسلافهم إلى زمن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -.
وقد بسط البيهقيّ في "السنن الكبرى" الدلائل في كون الصاع المجزىء في الفطرة خمسة أرطال وثلثًا بسطاَ حسنًا. قال: وأما ما رواه صالح بن موسى الطلحيّ، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة - رضي اللَّه عنها -: "جرت السنة من رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في الغسل من الجنابة صاع، والوضوء برطلين، والصاع ثمانية أرطال". فإن صالحًا تفرّد به، وهو ضعيف. قاله يحيى بن معين، وغيره، من المحدثين. قال: وكذا ما روي عن جرير بن يزيد، عن أنس - رضي اللَّه عنه -، وما روى عن ابن أبي ليلى، عن عبد الكريم، عن أنس:"أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يتوضأ برطلين، ويغتسل بالصاع، ثمانية أرطال". إسنادهما ضعيف، وإنما الحديث الصحيح عن أنس - رضي اللَّه عنه -، قال:"كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يتوضّأ بالمدّ، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد". قال البيهقيّ: فلا معنى لترك الأحاديث الصحيحة في قدر الصاع المعدّ لزكاة الفطر بمثل هذا. انتهى (١).
وقال الحافظ وليّ الدين: وإطلاق الصالح في الحديث يدلّ على أنه مكيال معروفٌ عندهم. وقال ابن الصبّاغ وغيره من الشافعيّة: الأصل فيه الكيل، وإنما قدّره العلماء بالوزن استظهارًا. وقال النوويّ: قد يُستشكل ضبط الصاع بالأرطال، فإن الصاع المخرج به في زمن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مكيال معروف، ويختلف قدره وزنا باختلاف جنس ما يخرج، كالذرة، والحمّص، وغيرهما، والصواب ما قاله أبو الفرج الدارميّ من أصحابنا أن الاعتماد في ذلك على الكيل دون الوزن، وأن الواجب أن تخرج بصاع معاير بالصاع الذي كان يخرج به في عصر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وذلك الصاع موجود، ومن لم يجده