للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز تأخير إخراجها عن يوم الفطر، وبه قال الشافعيّة، والحنفيّة، والمالكيّة، وهو المشهور عند الحنابلة. قاله وليّ الدين.

وقال ابن قدامة: المستحبّ إخراجها يوم الفطر قبل الصلاة؛ لحديث الباب، وحديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -، مرفوعًا: "من أدّاها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات". رواه أبو داود، وتقدّم أنه حديث حسنٌ.

قال: فإن أخرها عن الصلاة ترك الأفضل؛ لما ذكرنا من السنّة، ولأن المقصود منها الإغناء عن الطواف والطلب في هذا اليوم، فمتى أخّرها لم يحصل إغناؤهم في جميعه، لا سيما وقت الصلاة، ومال إلى هذا القول عطاءٌ ومالك، وموسى بن وَرْدَان، وإسحاق، وأصحاب الرأي. قال: فإن أخّرها عن يوم العيد أثم، ولزمه القضاء.

وحكى ابن المنذر عن ابن سيرين، والنخعيّ أنهما كانا يرخّصان في تأخيرها عن يوم الفطر. قال: وقال أحمد: أرجوا أن لا يكون بذلك بأس (١).

وذكر ابن قُدامة أن محمد بن يحيى ى الكَحّال قال: قلت لأبي عبد اللَّه: فإن أخرج الزكاة، ولم يعطها، قال: نعم، إذا أعدّها لقوم. قال ابن قُدامة: واتباع السنّة أولى انتهى (٢).

ومما استُدلّ به على أنه لا يجوز تأخير إخراجها عن يوم العيد ما رواه البيهقيّ في "سننه" جـ٤ ص ١٧٥ - من طريق أبي معشر السِّنْدِيّ، عن نافع، عن ابن عمر - رضي اللَّه عنهما - عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أنه قال: "أغنوهم عن طواف هذا اليوم". وفيه أبو معشر نَجِيح السِّنْديّ المدينيّ، ضعيف.

وقال ابن حزم: إذا تمّ الخروج إلى صلاة الفطر بدخول وقت دخولهم في الصلاة، فقد خرج وقتها، فمن لم يؤدّها حتى خرج وقتها، فقد وجبت في ذمّته وماله لمن هي له، فهي دين لهم، وحقّ من حقوقهم، قد وجب إخراجها من ماله، وحَرُم عليه إمساكها في ماله، فوجب عليه أداؤها أبدًا، فإذا أداها سقط بذلك حقهم، ويبقى حقّ اللَّه تعالى في تضييعه الوقت، لا يَقدِر على جبره إلا بالاستغفار، والندامة. انتهى كلامه بتصرّف (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن ما ذهب إليه ابن حزم في هذه المسألة أرجح المذاهب، لحديث الباب، حيث أَمَرَ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أن تُؤَدَّى قبل خروج الناس


(١) - "طرح التثريب" ج ٤ ص ٦٤.
(٢) - راجع "طرح التثريب" ج ٤ ص ٦٤.
(٣) - راجع "المحلّى" ج ٦ ص ١٤٣.