على التبليغ عنه بقوله:"ليبلّغ الشاهد الغائب"، حتى نقلوا أقواله، وأفعاله، وأحواله، وصفاته، وما فُعل بحضرته، فدل على أنهم اتفقوا على الإيمان بها على الوجه الذي أراده اللَّه منها، ووجب تنزيهه عن مشابهة المخلوقات بقوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}،فمن أوجب خلاف ذلك بعدهم، فقد خالف سبيلهم، وباللَّه تعالى التوفيق انتهى ما ذكره الحافظ في "الفتح"(١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تبيّن بما ذُكر من نصوص هؤلاء الأئمة الأعلام أن الحقّ هو إثبات صفات اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- على ما جاءت به نصوص الكتاب، والسنّة "الصحيحة" من غير تشبيه، ولا تمثيل، ولا تأويل، ولا تعطيل، بل على ما يليق بجلاله -عَزَّ وَجَلَّ-، وهذا هو الذي أجمع عليه السلف، ومن سار على طريقتهم، وسلك سبيلهم، من أهل العلم بالكتاب والسنّة في جميع الأعصار والأمصار.
وأما ما نقله في "الفتح" عن المازريّ، والقاضي عياض، والزين ابن المنيّر، وغيرهم من تأويلهم حديث الباب بالتأويلات التي يأباها ظاهر النص، وتخالف ما عليه السلف، مما تقدّم من إثباتهم الصفات كما وردت على المعنى اللائق به -عَزَّ وَجَلَّ-، وعدم الخوض بالتأويل فأقوال لا يُلْتَفَتُ إليها؛ لكونها مما أحدثه المتأخّرون، مخالفين لهدي سلفهم الذي هو الحقّ الحقيق بالقبول والاتباع {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ}، ولقد أحسن من قال: