للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كلام الفيّومي (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: فعلى هذا يحتمل "أُهريق" هنا أن يُضبط بفتح الهاء، وهو الأصل، وسكونِهَا. واللَّه تعالى أعلم.

(وَعُقِرَ جَوَادُهُ) بالبناء للمفعول أيضًا: أي ضُربت قوائم جواده بالسيف، يقال: عَقَرَ البعيرَ بالسيف عَقْرًا، من باب ضرب: إذا ضرب قوائمه به، ولا يطلق العَقْرُ في غير القوائم، وربّما قيل: عقره: إذا نحره، فهو عَقِيرٌ. أفاده في "المصباح". و"الجواد" - بفتح الجيم، وتخفيف الواو- الخيل، يُطلق على الذكر والأنثى. قال في "اللسان": وجاد الفرسُ: أي صار رائعًا، يَجُود جُودَةً -بالضمّ-، فهو جَوَادٌ للذكر والأنثى، والجمع جِيَاد، وأَجْيَادٌ، وأجاويد انتهى بتصرّف يسير.

والمراد قتلُ مَن صَرَفَ نفسه وماله في سبيل اللَّه تعالى، وقتل فرسه معه، وإنما كان هذا أشرف أنواع القتل؛ لأنه بذل أنفس ما عنده للَّه تعالى، وهما نفسه، وماله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عبد اللَّه بن حُبْشيّ - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح.

[تنبيه]: قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- في "الإصابة" بعد أن ذكر أن إسناد هذا الحديث قويٌّ: ما نصّه: لكن ذكر البخاريّ في "التاريخ" (٢) له علّة، وهي الاختلاف على عُبيد بن عُمير في سنده، فقال عليٌّ الأزديّ عنه هكذا، وقال عبد اللَّه بن عُبيد بن عمير، عن أبيه عن جدّه، واسم جدّه قتادة بن النعمان الليثيّ، ولكن لفظ المتن قال: "السماحة والصبر". فمن هنا يمكن أن يقال: ليست العلّة بقادحة. وقد أخرجه هكذا موصولا، من وجهين، في كلّ منهما مقال، ثم أورده من طريق الزهريّ، عن عبد اللَّه ابن عبيد، عن أبيه، مرسلًا، وهذا أقوى انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن هذه العلّة غير قادحة في صحة الحديث، كما أشار إليه الحافظ في كلامه المذكور آنفًا، بدليل اختلاف متني الحديثين، فيحمل على أن عبيد بن عُمير روى الحديثين جميعًا، روى عن عبد اللَّه بن حبشيّ حديث الباب، وعن أبيه عن جدّه الحديث المذكور، فلا يُعَلّ أحدهما بالآخر. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.


(١) - "المصباح المنير".
(٢) - انظر "التاريخ الكبير" ج ٥ ص ٢٥ - ٢٦.
(٣) - "الإصابة في تمييز الصحابة" ج ٦ ص ٥٠.